ترجمة المرأة الصالحة ميمونة بنت الشيخ سيدي باب رحمهما الله:
صلاة من الرحمن تنزل رحمة *** على ذلك الوجه المجمل بالحمد
فكم أسدت الإحسان والفضل للورى *** فسادت به فخراً على كل من يسدي
هي المرأة الصالحة الخيرة ميمونة بنت الشيخ سيدي باب وأمها فاطمه امباركه بنت المختار بن عبد الفتاح بن ألفغ نلل بن عبد الله بن أحمد بن الفالل بن امرابط مكه، ولدت سنة 1883م. نشأت في حجر والديها حيث العلم والتقى والكرم والصدق والطهر والعفاف، وتربت أحسن تربية.
درست القرآن الكريم وحفظته، وتزودت من العلوم والمعارف ما استطاعت، كانت كثيرة المطالعة للكتب، ولها الاهتمام البالغ والشغف الكبير بالتاريخ وسير الماضين.
كانت خيَرةً، فاضلةً، كريمةً، مُمدّحة، صينة، دينة، ملْجأ لمن يستعين بهَا من النِّسَاء ونحوهن لثقتها وخبرتها، مباركة، سليمَة الْفطْرَة، على جانب كبير من اللطف والرقة ودماثة الأخلاق، ولين العريكة، صاحبة برّ وصدقة وإحسان، عاشت سعيدة، وماتت حميدة، صاحبة رأي صائب، وفكر ثاقب، وفضل وكرم، أسبلت ذيول المنح والعطايا على الفقراء والمحتاجين، ولم تزل تمنح السائلين والواردين من الهبات حتى لقيت الله سبحانه وتعالى.
كانت لها التقوى كأبهى حلة *** وصنيع أيديها أجل خضابها
كانت على جانب كبير من غزارة العقل، وحدة الذهن، وصدق التصور، وحسن البديهة.
عابدةً صَالِحَة، كان والدها الشيخ سيدى باب يلقبها بالصالحة ( اصويلحه بتعبيره ). صَاحِبَة أورادٍ ونوافل وأذكار، رطبة اللسان بتلاوة كتاب الله تعالى، لها اليد الطولى في الكرم:
سجية في العلا شابت ذوائبها *** وهمة نشأت في تربة الكرم
اشتهرت بدماثة الأخلاق، وطيب النفس، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والورع، والخشية، والإخبات.
كانت مربية فاضلة، ربت نساء كثر، وأشملتهن برعايتها ومعروفها، فكان ذلك من تتمات فضائلها، ومهمات الدلائل على لطفها، وحسن شمائلها.
ومن المعروف أن هذا المنهج هو الذي كان ــ ولا يزال ــ متبعا لدى معظم نساء الأسرة، وهو يعيد إلى الأذهان صورة الأعمال الصالحة، وبذل المعروف عند أمّهات المؤمنين في صدر الإسلام.
فهي ــ رحمها الله ــ كما يقول أحدهم:
يروح إِلَى كسب الثَّنَاء وَيَغْتَدِي *** إِذا كَانَ هم النَّاس كسب الدَّرَاهِم
وَإِن جلس الأقوام عَن وَاجِب الندى *** وَحقّ العطايا كَانَ أول قَائم
يزِيد ابتهاجا كلما جَاءَ قَاصد *** كَأَن بِهِ شوقا إِلَى كل قادم
كانت مجتهدة، صوّامة قوّامة، قوّالة بالحق، ولا تترك في جلستها استقبال القبلة، قانعة باليسير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، حريصة على النفع والتوجيه، ذات إخلاص وخشية، انتفع بها خلق كثير، علا صيتها، وارتفع محلها.
تزوجها الرجل الفاضل محمد اليدالي ولد احمد محمود ولد سيدين ولد محم ولد باب بضم الباء الخاجيلي، وقد رزق منها بذرية صالحة فاضلة.
توفيت ــ رحمها الله ــ في عين السلامة سنة 1984م، ودفنت عند البعلاتية بأبي تلميت:
سَقَى قَبرَك الهاطل المُسبَلُ *** وجادت لَك الدِيَمُ الحُفَّلُ
وأسكَنَك الله خُلدَ الجِنان *** وجاوَرَك المُصطَفى المُرسل
رحم الله الشيخة ميمونة فقد كانت مثلًا فذّاً للمرأة المسلمة الصالحة، رسمت أسمى معاني البذل والعطاء.
ربَّت فأحكمت، وعلمت وعملت، إنها حياة المرأة الخيرة بكل ما فيها من سمو وفخار:
فنِلْت بما أنَلْت عظيمَ فضلٍ *** ومغفرة ويهْنِيك الثَّوابُ
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي