إن المعالي والسيادة والمنن *** والمجد والاجلال والخلق الحسن
نيطت بآل البيت من سادوا الورى *** شرفاً وشادوا في العلى أقوى سنن
وسموا السماك بلا مدان وارتدوا *** أزر التقى وتقلدوا سيف الفطن
وتمنعوا عما يشين وأوسعوا *** بشرى لمن في ظل جاههم قطن
وبجدهم نالوا الفخار وما ارتضوا *** زهر النجوم بأن تكون لهم سكن
فرد الزمان وتاج مفرق عزه *** والدافع الجلاء والمولي المنن
وحوى المحامد واستبدّ بجمعها *** وعن العيون بكسبها زاوي الوسن
ورقى معاريج الكمالات التي *** من رامها قالوا له أنت ابن من
لا عيب فيه غير أن نزيله *** ينسى به ذكر الأحبة والوطن
فكأنما كفاه لم تخلق سوى *** لصنائع المعروف سراً أو علن
فهو الهمام ابن الهمام المرتجى *** وهو الشريف ابن الامام المؤتمن
ولما شبّ عن الطّوق، وبلغ أشده واستوى، وانفسحت أمامه مجالات العلم رحبة فسيحة, برز في الشعر فلم يباره في حلبته مبار, ولم يشق غباره لا حق, ولم يكن في زمانه أجود منه شعرًا، ولا أحسن نظمًا ونثرًا, جمع في شعره بين حسن السبك, ومتانة التركيب، وطلاوة الألفاظ, وجودة المعنى.
وإذا استطرفت سيادة قومٍ *** بنت بالسؤدد الطريف التليد
كان أَدِيبا بَارِعا وشاعرا مفلقا، فصيحا مسهبا مجيدا، حسن القول، سائر الشعر, كعبة المجد، ومنبع الجود, مُحَقِّقا نبيه الذكر, خبيرا بالتاريخ وعلم الأنساب, كما اتصف بجودة اللسان, وسرعة الخاطر, وملاحة العبارة.
وكان مذكورا بالذكاء, والفطنة, وصفاء القريحة, وصحة الذهن, وجودة المقاصد, معروفا بذلك مشهورا به. وله همّة عالية، بعيدة المرمى، كريمة المنتمى, وله أدب بلغ في الإجادة الغاية، ورفع للجبين من السّنن الرّاية, تميز شعره بالجزالة, وإحكام النسج, ولطف الإشارة, ويدل على رسوخ قدمه في الأدب الذي أتى منه بالعجب العجاب.
وأرى الخلق مجمعين على فضـ *** لك من بين سيدٍ ومسود
صارم العزم حاضر الحزم ساري الـ *** فكر ثبت المقام صلب العود
يعمّ عليهم من جزيل ببسطة *** يعيش بها ذو وفرها ومقلّها
يراها الجواد البحر منك رغيبة *** وأنت إذا أعطيتها تستقلّها
سعى في مصالح العباد والبلاد, كان ملجأ للفقراء وأبناء السبيل, ومأوى للخائفين والملهوفين.
بويع له بخلافة أهل الشيخ سيدي سنة 1964م , بعد وفاة أخيه وشقيقه الشيخ عبد الله بن الشيخ سيدي, فسار في الناس أحسن سيرة, ودبر الأمور أفضل تدبير, وساسها سياسة حكيمة, فجمع الله به القلوب المتنافرة, وأصلح به ذات البين, فتوحدت الكلمة, والتأم الشمل, وعم الخير.
حَبرٌ تسربلَ منه دهرُه حِبَرًا *** بَحرٌ تقاذفُ من أمواجه الدُّررُ
فأظهرَ الحقَّ إذ آثارُه دَرَسَتْ *** وأخمدَ الشرَّ إذ طارتْ له الشررُ
رحمه الله رحمة واسعة, وأسكنه فسيح جناته.
********
وغادر وَجه الْفضل والنبل أغبرا *** وطرف الحجى وَالْعقل واللب أرمدا
بِمن كَانَ للإحسان وَالْفضل مألفا *** وَمن كَانَ للإنعام والطول معهدا
سَلام عَلَيْهِ فائض بركاته *** من الله والرضوان مثنى وموحدا
وَلَا زَالَ ريحَان الْجنان وروحها *** يصافحه فِي كل ممسى ومغتدى.
((حكى الحارث بن هميم * قال بينما أنا أضرب الهيم * في غاشية البهيم * في أغشية غشاء ليل بهيم * مدلهم لاشية فيه مهيم * في مهمه لا حاشية له أهيم* مع رفقة ماشية إذ غشيت بهيم * جناب العلامة الفهيم* الشهميم اللهميم * إبراهيم* مروي الهيم * ومشبع المناهيم * سيد الناشية* رقيق الحاشية* ذي المحامد الفاشية* مجدد العلوم المتلاشية* ومعطي الجليلة والحاشية * من الماشية* والدراهيم* فـ(هل أتاك حديث الغاشية)؟ * و(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم)؟ *
(حديث لو أن الميت نوجي ببعضه *** لأصبح حيا بعد ما ضمه القبر)
(حديثه أو حديث عنـه يطربني *** هذا إذا غاب أو هذا إذا حضرا)
حدثْ ولا حرجْ* عنه إذا خرجْ فرفع الحرجْ * وأمر فأسرجْ * وأبرد فأغرجْ * فأفتل وأتلجْ * ونعنع فأرجْ * فمزج ومرجْ * "شرب النزيف ببرد ماء الحشرجْ" * ثم أوقد فأججْ* وشوى فأنضجْ*
(فبات) طهاة القوم ما بين منضج *** صفيف شواء أو قدير معجل
و(بات) صحابي يرتمون بلحـمها *** وشحم كهداب الدمقس المفتل)
(في) ليلة راح فيها عازب الوطر*** بات الصفاء بها يسطو على الكدر
طابت مجالسنا فيها وخامرنا *** خمر السرور على موضونة السرر
إذ بات (حامد) يسقينا على مهل *** أشهى من الراح في أبهى من الدرر
كؤوسا من الشاي الشهي شهية *** يطيب بها ليل التمام ويقصر
تخير من تجار طنجة شاهها *** وخير لها من تلج وهران سكر
قواريرها والشاه فيها يزينها *** وقد زينته جوهر فيه جوهر
يعين على الخيرات من بات قانتا *** ويسعد في الأسمار من بات يسمر
ولا غرو إن طابت صنــائع ماجد *** كريم فماء العــود من حيث يعصر
كأن صغرى وكبرى من فقاقعــها *** حصباء در على أرض من الذهب
فلما أسحرنا واستحرنا * أعيدت الإقامة فأقمنا * ونودي بالصلاة فأقمنا* وبالرحيل فقمنا* وقلنا -وليتنا كنا*
أقـمنا بها يوما ويومـا وثالثــا *** ويـوم له يوم الترحل خامس:
عذولي ويك كن وقتا عذيـري *** لوازجر كنت أزجر بالنذير
رأيتك جرت في عـذلي ولومي *** فهل لي من ملامك من مجيـر
أما تنفك تلحـاني كملحى *** جذور الطلح دابغة الجفيــر
كأنك إذ أمرت مطـاع أمـر *** أمير أو بمنزلة الأميــر
أميري من تلوم على هواهــا *** وما في العيـر أنت ولا النفيــر
ومن نمت بحبيها دمــوع *** بها سقط الوشاة على الخبيــر
ومن قلبي لديها أين ســارت *** أسيـر أو بمنـزلة الأسيــر
تكلفه المسير بكل كســــــــب *** دواما كالمسير إلى نجيــــــــر
به ترقى إلى خط "الشقــــارى" *** إلى "ترقى" إلى خط "النشير"
كلفـت بها على كبـري وظلم *** بحب صغيرة كلف الكبيــر
ولما شـف حب الخــود قلبي *** وضاق بما أجمجمه ضميــري
عزمت إلى السرى ليلا إليــها *** وقلت لناقتى "يا ناق سيري"
فلما جئـت ليلا دار ليــلى *** طلعت كما أتيت على الحصيــر
فأيقظت الفتــاة فبت "ألهــو *** إلى الإصباح آثر ذي أثيــر
بآنسة الحديث رضاب فيــها *** بعيد النوم كالعنب العصير"
وليس كطبع إبراهيم كــلا *** وكل أداة نفي أو نكيــر
فطبع البــدء إبراهيم ينـسي *** شجيج الراح بالعذب النمير
ويزري إذ يضوع على النــوادي *** بعرف الورد في الروض المطير
ومرأى الروض إذ بكت الغوادي *** به فافتر عن زهر نضيــر
وهـب صبا سحيرا أو شمـال *** على صفحات ماء صفا صبيـر
فأهل المدح إبراهيم حــقا *** بنظم الدر والدر النثيـــر
بكل مقالة كالروض فاحــت *** بكل عبارة مثل العبيـــر
قد انسجمت مبانيها ورقــت *** معانيها ولانت كالحريـــر
بها يثنى على بر كــريم *** قمين بالثناء به جديـــر
تحادث عن محامده النــوادي *** ويهديها السمير إلى السميـــر
توقى كل منقصـة وعــار *** وأوتي كل منقبة وخيـــر
وأما العلم والتقوى فمـجرى *** سوابقه وعامله الجريـــر
فهـدي أبيه ثم أبيه فيــه *** وهدي الشيخ سيديَّ الكبيــر
فأما ما له من وصف حمــد *** وإحسان ومن خيم فخيــر
فما شاءاه فيه من نقيــب *** ولا مثل الفتيل ولا النقيــر
لإنسان الفخار به حيـــــاة *** كما الحيوان أحياه الدميـــــــري
نزلنا ليلة بحماه فيهـــا *** لنا جمع السـرور على السريــر
فكانت وهي تفضل ألف شهــر *** فيا عجبا من الليل القصيــر
وكانت في سراري الشهر لكــن *** أضـاء لنا سنا قمر منيــر
وكـان معـرس إذ ذاك أنسى *** معـرس عروة ببني النضيــر
فلو شهــد المهلهل ما تغنى *** "أليلتنا بـذي حسـم أنيــري"
سأشكـركم ولكـن لا يــؤدي *** ثنا من حقكم عشـــــر العشيـر
وإلا تلفـني معـكم بـذاتي *** فإني من معيـكم النصيــر
عليـكم من خويدمـكم ســـلام *** يطيب كطيــب طبعكم العطيــر.