الشيخ إبراهيم بن الشيخ سيدي باب


إن المعالي والسيادة والمنن *** والمجد والاجلال والخلق الحسن

نيطت بآل البيت من سادوا الورى *** شرفاً وشادوا في العلى أقوى سنن

وسموا السماك بلا مدان وارتدوا *** أزر التقى وتقلدوا سيف الفطن

وتمنعوا عما يشين وأوسعوا *** بشرى لمن في ظل جاههم قطن

وبجدهم نالوا الفخار وما ارتضوا *** زهر النجوم بأن تكون لهم سكن

فرد الزمان وتاج مفرق عزه *** والدافع الجلاء والمولي المنن

وحوى المحامد واستبدّ بجمعها *** وعن العيون بكسبها زاوي الوسن

ورقى معاريج الكمالات التي *** من رامها قالوا له أنت ابن من

لا عيب فيه غير أن نزيله *** ينسى به ذكر الأحبة والوطن

فكأنما كفاه لم تخلق سوى *** لصنائع المعروف سراً أو علن

فهو الهمام ابن الهمام المرتجى *** وهو الشريف ابن الامام المؤتمن

هو العلامة الفهيم الأواه الحليم الشاعر الحكيم الشيخ إبراهيم بن الشيخ سيدي باب بن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي الكبير, أمه فاطمه امباركه بنت المختار بن عبد الفتاح الأبييرية.
 ولد العلامة الشيخ إبراهيم سنة 1316هـ الموافق 1896م عند بئر تسمى الميمون تقع شمال أبي تلميت على بعد نحو 90 كلم.
‌نَشأ ‌فِي ‌حجرالْعلم والتقى والشهامة, وتربى فِي حَظِيرَة النبل والسِّيَادَة والزعامة.
 ترعرع في كنف والديه راضعا ثدي نعمائهما، ومستظلا بسمائهما، وكان لوالده الشيخ سيدي باب الاختصاص القديم، والمزية والتقديم, فهو علامة زمانه علما وعملا وصلاحا وزعامة دينية حكيمة شاملة لجميع نواحي البلاد, بحيث يعتبر أكبر مصلح بما لكلمة “الإصلاح” من معنى , كل ذلك أثرى شخصية الشيخ إبراهيم إثراء خصبا وأضفى عليها طابعا متميزا في السلوك والأخلاق والتوجه, فنال حظا واسعا من علوم والده  وأدبه وفنونه.
في هذا الجو العلمي الديني والشرف الرفيع, تكونت شخصيته, فتميز ببعد غورعقله, وجودة رأيه, وتبصره في الأمور, وحزمه وشدة شكيمته في الحق, وسياسته المعتدلة، لا تهور ولا تأخر، إلى أدب لطيف, وورع حاجز, وتحكيم للسنة واتباع لها.
اشتغل بتحصيل العلم على كبار علماء بلاده، ومن أشهر الذين أخذ عنهم: العلامة المقرئ محمد سالم بن حامدت الأبييري، والعلامة الشيخ محمد محمود بن اكرامه المجلسي، وقد درس جل العلوم الفقهية واللغوية في محظرة والده التي كانت زاخرة بالكتب في مختلف العلوم، وتلقى علوم اللغة والأدب على يد العلامة الشيخ يحظيه بن عبد الودود الذي استقدمه باب بن الشيخ سيدي لتدريس أبنائه العلم، كما قرأ المعلقات السبع على العلامة سيد بن زین ، ثم انضم إلى محظرة الحسن بن زين النحوية.
لقد ألم الشيخ إبراهيم بجل أو كل العلوم التي كانت متداولة في ذلك العصر, وقد اكتسب كل ما يحتاج إليه الرجال من علم وآداب وأخلاق.

ولما شبّ عن الطّوق، وبلغ أشده واستوى، وانفسحت أمامه مجالات العلم رحبة فسيحة, برز في الشعر فلم يباره في حلبته مبار, ولم يشق غباره لا حق, ولم يكن في زمانه أجود منه شعرًا، ولا أحسن نظمًا ونثرًا, جمع في شعره بين ‌حسن ‌السبك, ومتانة التركيب، وطلاوة الألفاظ, وجودة المعنى.

وإذا استطرفت سيادة قومٍ *** بنت بالسؤدد الطريف التليد

كان أَدِيبا بَارِعا وشاعرا ‌مفلقا، فصيحا مسهبا مجيدا، حسن القول، سائر الشعر, كعبة المجد، ومنبع الجود, مُحَقِّقا نبيه الذكر, خبيرا بالتاريخ وعلم الأنساب, كما اتصف بجودة اللسان, وسرعة الخاطر, وملاحة العبارة.

 وكان مذكورا بالذكاء, والفطنة,  وصفاء القريحة, وصحة الذهن, وجودة المقاصد, معروفا بذلك مشهورا به. وله همّة عالية، بعيدة المرمى، كريمة المنتمى, وله أدب بلغ في الإجادة الغاية، ورفع للجبين من السّنن الرّاية,  تميز شعره بالجزالة, وإحكام النسج, ولطف الإشارة, ويدل على رسوخ قدمه في الأدب الذي أتى منه بالعجب العجاب. 

 وأول ما قال من الشعر بيتان قالهما يقرظ بهما كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ولكني لم أعثر عليهما بعد, بيد أنهما موجودان, ثم قصيدة إن للدهر التي قالها خلال رحلته إلى الحوض التي استغرقت سنة إلا سبعة أيام, قام بها في سن مبكرة من عمره قبل أن يبلغ الثلاثين سنة، قادته إلى كل من تكانت والحوض حيث إمارتا ادوعيش ومشظوف, فأكرموه و بجلوه ورحبوا به ترحيبا واسعا, حتى وصل إلى بلدة النواره التي أصبحت فيما بعد من أرض مالي حسب التقطيع الإداري الجديد، وخلال رحلته هذه أنشأ قائلا:
إن للدهر إن تأملت صرفا *** يكسب المرء حكمة واعتبارا
ها أنا اليوم بالنوار مقیم *** أي عهد بيني وبين النوارا ؟
ثم بعد ذلك جاءت ظروف زمنية مختلفة, وبعد وفاة والده رحمه الله تعالی زاد البيتين بخمسة أبيات في نفس البحر والغرض والروي، وقيل بعد ستين سنة من قوله البيتين الأولين وهو في ذلك الوقت يجوب أرض جمهورية سيراليون الإفريقية وذلك سنة 1970م. والأبيات هي:
ثم بعد النوار جاءت صروف *** تركتنا بعد النوار حیارا
في افريتاون ثم سيفاد کنا *** في قراها نمر منها الديارا
في جبال شواهق وغياض *** ورياض مكسوة أزهارا
فعسى الله أن يمن بوصل *** بعد فصل ويقضي الأوطارا
ويعيد الزوار عودا لبدء *** في أمان يعم تلك الزوارا .
كان رحمه الله عالما, تقيا, قدوة, ثبتًا, حُجةً, ورعًا, مُتحريًا فيما يقوله وينقله, متثبتاً فيما يرويه ويتحمله,  عدلاً, مشهورا بالصلاح والمكاشفات,  طاهر اللسان, مأمون الجانب, سمحاً, كثير الإيثار, حكيماً قد امتطى غوارب الحكمة، مفخرة وقته, ‌متبحراً في العلوم الشرعية واللغوية والأدبية, بلغ في كل منها الغاية، بل أصبح فيها آية, لم ير مثله في فضله ونبله وغزارة علمه، ونزاهة نفسه، وحسن طّويته, وحرصه على بذل المعروف, جمع بَين شرف الأَصْل وَكَمَال الْمجد وكرم الطَّبْع وَبَين الْآدَاب:

وأرى الخلق مجمعين على فضـ *** لك من بين سيدٍ ومسود

صارم العزم حاضر الحزم ساري الـ *** فكر ثبت المقام صلب العود

  كان سخي الكف، كثير العدل، محسناً إلى الخاص والعام، لا يرد سائلاً، ولا يخيب آملاً, كثير الإنفاق, جزيل العطاء.
حج إلى بيت الله الحرام, كما سافر عدة مرات داخل وخارج البلاد, وكان كلما عاد يغدق على الناس العطايا والمنح, كما يشمل نداه ذوي القربى والمحتاجين.

يعمّ عليهم من جزيل ببسطة *** يعيش بها ذو وفرها ومقلّها

يراها الجواد البحر منك رغيبة *** وأنت إذا أعطيتها تستقلّها

سعى في مصالح العباد والبلاد, كان ملجأ للفقراء وأبناء السبيل, ومأوى للخائفين والملهوفين.

حسن المفاكهة والمحاضرة, وقد ‌كان ‌مجلسه منتدى للعلماء والفضلاء والأدباء, تدور فيه المناظرات والمناقشات الدقيقة فى فروع العلوم المختلفة, وَله شعر بارع قل مَا ينشده, ولَكن درره تلْتقط من مجْلسه, وغرره تختلس من فَمه, كَقَوْلِه :
بعزك ياعزيزي أنــــال عـزا *** ومـــا ذل الـــذي بالله عزا
ومن واليـت عز وبز قوما *** بغـيرك عزهم عزا وبـزا
وهدم كل ما يبنيه بان **** إذا اسـتغنی تنگر واشمأزا
ونال به العدى ذلا وفقــــرا *** ونال به الصديق غنى وعزا
وكان محبـه أبدا مهنا *** وكان عدوه دأبا معزا
ومـا خابت ركاب أخي رکاب *** لها فضل المهيمن كـان مغزی
وما نیطت بك الحوجــاء إلا *** تبين ربهـا نجحا وفوزا
وليس بمنشد جاديك إلا *** تكــن إبـلا فـإن الحــاج مـعـزا
وقد فاز الـذي لله ينمــی *** وقد خســر الـذي بسواه يعزی
قد افلح من أطاعك يا إلهــي *** فيسر أن أطيعك كي أعزا
وكفـــر حوبتي فضلا ومنا *** ويسر حاجتي جملا وأجزا
ووافتني المطالب طيبات *** ونلت من الهدى كنزا فكنزا
وفداني الذي ألقى وهني *** وطلبق1 ثم برك2 ثم جزی3
وكنت من المكاشح في أمان *** ومات بغيظـه خزيا وعجزا
وصلـى الله ما سـجعت حمام *** على ذخر الخليقة يـوم تجـزی
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1= طلبق : قال أطال الله بقاءك.
2= برك : قال تبارك الله.
3= جزى : قال جزاك الله خيرا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن شعره أيضا :
بـرب العـــرش قد أصلحت حالي *** وحصنت النفوس به ومالي
وبالذكر الحكيم ومن تولی *** تلاوتــــه وبالسبع الطوال
وقضيت الديون وكل حاج *** هنيئـات بلا تعب عجال
وسهلت الســــبيل لكـل باب *** من ابواب المكارم والمعالي
بربــي قــد وثقت لنيل حاجي *** وجمع الشـمل بعد مدى الليالي
وطول العمر مني في تقاه *** وأمن شـامل في كل حال
صلاة الله يشفعها سـلام *** على هادي الأنام من الضلال


بويع له بخلافة أهل الشيخ سيدي سنة 1964م , بعد وفاة أخيه وشقيقه الشيخ عبد الله بن الشيخ سيدي, فسار في الناس أحسن سيرة, ودبر الأمور أفضل تدبير, وساسها سياسة حكيمة, فجمع الله به القلوب المتنافرة, وأصلح به ذات البين, فتوحدت الكلمة, والتأم الشمل, وعم الخير.  

حَبرٌ تسربلَ منه دهرُه حِبَرًا *** بَحرٌ تقاذفُ من أمواجه الدُّررُ

فأظهرَ الحقَّ إذ آثارُه دَرَسَتْ *** وأخمدَ الشرَّ إذ طارتْ له الشررُ

 خلف الشيخ إبراهيم آثارا قيمة, وتصانيف كثيرة منها :
النفحات الرندية في العوائد البيظانية: وهو كتـاب متوسط الحجم ألفه الشاعر لجماعة الحكام الفرنسيين الراغبين آنذاك في الاطلاع على حیاة البيظان وعاداتهم وقد حقق في المدرسة العليا للأساتذة سنة 1986 من طرف الطالب محمد يحي ولد محمد محفوظ الكناني.
رنات المثاني في ترجمة الشيخ سيدي الثـاني، وهـو كتاب نثري صغير الحجم يترجم فيه لوالده باب بن الشيخ سيدي ويعدد فيه مناقبه.
كتاب نثري صغیر الحجم جدا لا يتجاوز عشرين صفحة يصور فيه رحلته إلى الحوض الشرقي، ويمتاز هذا الكتاب بدقة الوصف وبراعة التصوير.
نقلة صغيرة الحجم تتكون من عدة أوراق يصف فيها رحلته إلى بيت الله الحرام ويصف فيها قناة السويس .

توفي رحمه الله تعالى يـوم الاثين فاتح أغسطس 1983م بمدينة أبی تلميت ودفن بالبعلاتیة مدفن أجداده وأهله.

رحمه الله رحمة واسعة, وأسكنه فسيح جناته.

                               ********

وغادر وَجه الْفضل والنبل أغبرا *** وطرف الحجى وَالْعقل واللب أرمدا

بِمن كَانَ للإحسان وَالْفضل مألفا *** وَمن كَانَ للإنعام والطول معهدا

سَلام عَلَيْهِ فائض بركاته *** من الله والرضوان مثنى وموحدا

وَلَا زَالَ ريحَان الْجنان وروحها *** يصافحه فِي كل ممسى ومغتدى.

قال العلامة الشيخ محمد سألم بن عبد الودود في رثاء الشيخ إبراهيم بن الشيخ سيدي:
يا أسرة الشيخ سيدي اقتني جلده *** يا إخوة الشيخ إبراهيم يا ولده
يا قومه يا جميع اللائذین به *** يا وقته الثاكل الولهان یا بلده
لـو كـان يرجی خلود الجسم أدرکه *** أما الخلود الذي يرجى فقد خلده
يـا علمـه يـا تقاه يا مروته *** یا حلمه یا وقارا فيـه يـاتـؤده .

ونورد لكم  المقامة الإبراهيمية/ للمختار بن حامدن في العلامة الأديب الشاعر إبراهيم بن الشيخ سيدي باب : 

((حكى الحارث بن هميم * قال بينما أنا أضرب الهيم * في غاشية البهيم * في أغشية غشاء ليل بهيم * مدلهم لاشية فيه مهيم * في مهمه لا حاشية له أهيم* مع رفقة ماشية إذ غشيت بهيم * جناب العلامة الفهيم* الشهميم اللهميم * إبراهيم* مروي الهيم * ومشبع المناهيم * سيد الناشية* رقيق الحاشية* ذي المحامد الفاشية* مجدد العلوم المتلاشية* ومعطي الجليلة والحاشية * من الماشية* والدراهيم* فـ(هل أتاك حديث الغاشية)؟ * و(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم)؟  *

(حديث لو أن الميت نوجي ببعضه *** لأصبح حيا بعد ما ضمه القبر)

(حديثه أو حديث عنـه يطربني *** هذا إذا غاب أو هذا إذا حضرا)

حدثْ ولا حرجْ* عنه إذا خرجْ  فرفع الحرجْ * وأمر فأسرجْ * وأبرد فأغرجْ * فأفتل  وأتلجْ * ونعنع  فأرجْ * فمزج ومرجْ * "شرب النزيف ببرد ماء الحشرجْ" * ثم أوقد فأججْ* وشوى فأنضجْ*

(فبات) طهاة القوم ما بين منضج *** صفيف شواء أو قدير معجل

و(بات) صحابي يرتمون بلحـمها *** وشحم كهداب الدمقس المفتل)

 (في) ليلة راح فيها عازب الوطر*** بات الصفاء بها يسطو على الكدر

طابت مجالسنا فيها وخامرنا *** خمر السرور على موضونة السرر

إذ بات (حامد) يسقينا على مهل *** أشهى من الراح في أبهى من الدرر

 كؤوسا من الشاي الشهي شهية *** يطيب بها ليل التمام ويقصر

تخير من تجار طنجة شاهها *** وخير لها من تلج وهران سكر

قواريرها والشاه فيها يزينها *** وقد زينته جوهر فيه جوهر

يعين على الخيرات من بات قانتا *** ويسعد في الأسمار من بات يسمر

ولا غرو إن طابت صنــائع ماجد ***  كريم فماء العــود من حيث يعصر

 كأن صغرى وكبرى من فقاقعــها *** حصباء در على أرض من الذهب

فلما أسحرنا واستحرنا * أعيدت الإقامة فأقمنا * ونودي بالصلاة فأقمنا* وبالرحيل فقمنا* وقلنا -وليتنا كنا*

 أقـمنا بها يوما ويومـا وثالثــا *** ويـوم له يوم الترحل خامس:

 عذولي ويك كن وقتا عذيـري *** لوازجر كنت أزجر بالنذير

رأيتك جرت في عـذلي ولومي *** فهل لي من ملامك من مجيـر

أما تنفك تلحـاني كملحى *** جذور الطلح دابغة الجفيــر

كأنك إذ أمرت مطـاع أمـر *** أمير أو بمنزلة الأميــر

أميري من تلوم على هواهــا *** وما في العيـر أنت ولا النفيــر

ومن نمت بحبيها دمــوع *** بها سقط الوشاة على الخبيــر

ومن قلبي لديها أين ســارت *** أسيـر أو بمنـزلة الأسيــر

تكلفه المسير بكل كســــــــب *** دواما كالمسير إلى نجيــــــــر

به ترقى إلى خط "الشقــــارى" *** إلى "ترقى" إلى خط "النشير"

كلفـت بها على كبـري وظلم *** بحب صغيرة كلف الكبيــر

ولما شـف حب الخــود قلبي *** وضاق بما أجمجمه ضميــري

عزمت إلى السرى ليلا إليــها *** وقلت لناقتى "يا ناق سيري"

فلما جئـت ليلا دار ليــلى *** طلعت كما أتيت على الحصيــر

فأيقظت الفتــاة فبت "ألهــو *** إلى الإصباح آثر ذي أثيــر

بآنسة الحديث رضاب فيــها *** بعيد النوم كالعنب العصير"

وليس كطبع إبراهيم كــلا *** وكل أداة نفي أو نكيــر

فطبع البــدء إبراهيم ينـسي *** شجيج الراح بالعذب النمير

ويزري إذ يضوع على النــوادي *** بعرف الورد في الروض المطير

ومرأى الروض إذ بكت الغوادي *** به فافتر عن زهر نضيــر

وهـب صبا سحيرا أو شمـال *** على صفحات ماء صفا صبيـر

فأهل المدح إبراهيم حــقا *** بنظم الدر والدر النثيـــر

بكل مقالة كالروض فاحــت *** بكل عبارة مثل العبيـــر

قد انسجمت مبانيها ورقــت *** معانيها ولانت كالحريـــر

بها يثنى على بر كــريم *** قمين بالثناء به جديـــر

تحادث عن محامده النــوادي *** ويهديها السمير إلى السميـــر

توقى كل منقصـة وعــار *** وأوتي كل منقبة وخيـــر

وأما العلم والتقوى فمـجرى *** سوابقه وعامله الجريـــر

فهـدي أبيه ثم أبيه فيــه *** وهدي الشيخ سيديَّ الكبيــر

فأما ما له من وصف حمــد *** وإحسان ومن خيم فخيــر

فما شاءاه فيه من نقيــب *** ولا مثل الفتيل ولا النقيــر

لإنسان الفخار به حيـــــاة *** كما الحيوان أحياه الدميـــــــري

نزلنا ليلة بحماه فيهـــا *** لنا جمع السـرور على السريــر

فكانت وهي تفضل ألف شهــر *** فيا عجبا من الليل القصيــر

وكانت في سراري الشهر لكــن *** أضـاء لنا سنا قمر منيــر

وكـان معـرس إذ ذاك أنسى *** معـرس عروة ببني النضيــر

فلو شهــد المهلهل ما تغنى *** "أليلتنا بـذي حسـم أنيــري"

سأشكـركم ولكـن لا يــؤدي *** ثنا من حقكم عشـــــر العشيـر

وإلا تلفـني معـكم بـذاتي *** فإني من معيـكم النصيــر

عليـكم من خويدمـكم ســـلام *** يطيب كطيــب طبعكم العطيــر.


               وكتب : إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي