الشيخ الخليل بن محمد بن الشيخ سيدي باب رحمه الله


فخر الصالحين ... وقدوة الزاهدين:
( الشيخ الخليل بن آل محمد بن الشيخ سيدي باب ):
وَلَك الْحيَاء سجية مَشْهُورَة *** وَالْعلم خلق والسخاء جليس
وَالْفضل طبع والوجاهة عَادَة *** وَالصَّبْر فَهُوَ لَهُنَّ مغناطيس
وَإِذا فَتى فِي الله أفنى عمره *** فَلَقَد أَرَادَ صَلَاحه القدوس
 هو الشيخ الذي ثبت ‌صلاحه، وتقرر فلاحه، وحسنت أحواله، وصدقت أقواله، وكان على أسلوب المتقدمين في سلوكه، الفاضل المفضال الصالح الزاهد، الشيخ الخليل بن آل محمد بن الشيخ سيدي باب رحمهم الله.
أمه السيدة الفاضلة المربية العظيمة محجوبه بنت محمد المصطفى (الدِّياه) بن عبد الله بن عالي بن عبدي بن المصطف بن محنض نلل بن امرابط مكه بن أبيير.
ولد في أبي تلميت سنة 1912م. 
ترعرع ونشأ ‌في ‌حضن والديه حيث العلم والتقى والنبل والجود، فتقبله ربه بقبول حسن، وأنبته نباتا حسنا، فتشبّع بأدبهما ومعارفهما وأخلاقهما. 
نهل القرآن الكريم والعلوم الشرعية على أجلة علماء وشيوخ منطقته مثل العلامة محمدن بن عبد الرحمن بن محمدُّ الحجاجي، وبعد ذلك التحق بالعلامة الراجل بن الداه بن داداه، ثم العلامة المقرئ محمد سالم بن حامدت مدة، لينتقل بعد ذلك إلى العلامة المقرئ عبد الودود بن عبد الملك بن حميه.
حفظ القرآن الكريم حفظا قويا بحيث أنه كان يتلوه كل وقت، ويجعله ورده في الليل:
ويا قائمًا في الليل يُحييه ‌قانتًا *** بذكر وقرآنٍ يصلي ويخشعُ
شهابًا مضيئًا بل وشمسًا مُنيرةً *** تضيءُ الدَّياجي حينَ تبدُو وتطْلُعُ.
‌كان ‌الشيخ الخليل بن آل محمد ورعا زاهدا عابدا صالحا، مجمعاً على صلاحه، آثار الصلاح لائحة على وجهه، صدوقا، قلِيل الْخَوْضِ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، سديد السيرة، فاضلا، مجتهدا في الدعاء والعبادة، ذا وقار وهيبة.
 تخلّى عن الدنيا، وباين أهلها، واشتغل بعبادة ربه عز وجل، والانقطاع إليه، والاستئناس به، والاستيحاش من خلقه، مفتقرا إليه، متوكلا عليه، كيّسا، لطيفا، متواضعا، كريم الأخلاق، سمح النفس، ناسكا، قانعا باليسير:
وسلامَةُ الدنْيا دليلُ سَلامَةِ الـ *** أخْرَى مِن التبِعاتِ والآثام.
وقد رأيته مرات، وكل من أدركت من سلفنا كانوا يعترفون له بالفضل، والصلاح، والاستقامة، والطاعة، والزهد، واستجابة الدعاء:
أمة قانتاً حنيفاً منيباً *** خاضعاً مخبتاً وفياً صفيا.
صحب عمه الولي الصالح الشيخ يعقوب بن الشيخ سيدي باب رحمه الله فكان يسافر إليه ويقيم عنده بعض الزمن، ويختلف إليه بكرة وعشيا، وربطت بينهما وشائج الصداقة والمودة والمحبة، فضلا عن وشائج القرابة، وقديما قيل: لا يعرف الولي إلا الولي.
تزوج رحمه الله ابنة خاله السيدة الفاضلة رملة بنت متال بن محمد المصطفى (الدِّياه)، فوهبه الله ذرية طيبة مباركة.
أقام بحاضرة الميمون شمال أبي تلميت فكان ‌يتولى ‌رعاية أبنائها، يربيهم على الدين والأخلاق والاستقامة، كما كان يسعى في المصالح العامة والخاصة، يغيث الملهوف، ويجود على الفقراء والضعفاء.
قال العلامة الشيخ أحمد بن آل محمد في مدح أخيه الشيخ الخليل:
عرفنا خصالا في الخليل جبلة *** صلابته في دينه وصرامته
وصبر على حلو الزمان ومره *** وإعطاؤه موجوده وسماحته
وتعجيله للضيف وقت نزوله *** قراه شهيا صاحبته بشاشته
وليس يخاف الجار منه أذية *** وفي مأمن من كل فحشاء جارته
سخي عفيف لا يعاب بريبة *** نزاهته معروفة وقناعته.
كان سليم الجانب، حيياً، ساكنا، نقي الصَّدْر، ‌مجاب ‌الدعوة، معروفا بالخير.
 وله مناقب كثيرة يضيق عنها المنشور.
توفي رحمه الله يوم الأحد 2 فبراير سنة 1992م، ودفن بالبعلاتية في أبي تلميت، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته:
فَقَضى نَحْبَهُ وعاشَ حَميدًا *** رَبَّ فَضْل مِن كُلِّ عَيْب مُبرَّا
زاهِداً في نَعيمِ دنْياهُ حَتَّى *** يَتَقاضاهُ مِن نَعيم الَأخْرى
تَرَكَ الطيِّباتِ في هذهِ الدُّنْ *** ـيا ولَذاتِها لِيُحرِزَ أجْرا
وغَدا قانِعاً بأيْسَرِ قُوتٍ *** وهُو عِنْدَ الأنام أعْظَمُ قَدْرا
وعَصَى النفْسَ في طِلاب هَواها *** وأطاعَ الإلهَ سَرّاً وجَهْرا.
***********
لقَدْ ذَهبَ الحَبْرُ الجَليلُ الموفَّقُ *** وعدنا حيارى والدموع تدفق
على رَجُلٍ ما في البَرِيَّة مِثْلُهُ *** فيا عجباً من ذا يجاري ويلحق
بِزُهْدٍ وإِحْسانٍ وعِلْم ورأفَةٍ *** وأمر بمعروف وبالحق ينطق
ولَمْ تَرْدَعَنْهُ في الإِله مَخافَةٌ *** ولم يخش من خلق لعمري ويفرق
لِوَجْهِ إِلهِ العَرْشِ قَدْ كانَ فِعْلُهُ ***  وقد كان ذا قلب من الله يشفق 
 فأسْألُ رَبَّ العَرْشِ يُؤْويكَ جَنَّةً *** تخلد فيها بالنعيم وترزق.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي