الشيخ عبد الرحمن ( الحكومة ) بن محمد بن الشيخ سيدي


شاد البناء له أوائل قومه *** وتلا فـــــــــشاد بنية الآباء

كثرت أياديه وعمَّ نواله *** في الأقربين معا وفي البعداء

لو قيل مَن للنائبات ترفعت *** أيدي العباد إليه بالإيمـــاء

هو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن الشيخ سيدي المختار بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير، أمه آمنة ( دودُّ ) بنت سيدي محمد ( الراجل ) بن الداه بن داداه بن المختار بن الهيبة 

ولد سنة 1911م عند تندوجه 70 كلم شمال بتلميت، نشأ وتربى وترعرع في حضن والديه حيث العلم والنبل والكرم والشهامة. 

 درس القرآن الكريم على المقرئ العلامة عبد الودود بن حميه، ثم على المقرئ العلامة سيدي بن محمد عبد الله بن الخلف، وكذا درس على العلامة محمد سالم بن حامدت.

وكان جده لأمه العلامة سيدي محمد بن الداه بن داداه قد عكف على تعليمه وتدريسه أيضا.

في هذه البيئة العلمية والمعرفية تكونت شخصية الشيخ عبد الرحمن وسمت نفسه، وتهيأت له السبل والوسائل لتبرز مكانته ويعلو قدره ويظهر شأنه.   

كان جليل الْقدر عَالي الهمة نَافِذ القَوْل مُحْتَرما صاحب الخلال المرضية، والملكات الملكية، صادِعًا بالحقِّ في مصالح المسلمينَ والأمورِ الدِّينية، جاريًا على منهاج سَلَفِه في الدِّين والفضل والورع والنَّزاهةِ والعلم والعمل به, صَليبًا في الحقّ لا تأخُذه في الله لَوْمة لائم، سليم الباطن صحيحَ الدّخْلة، مُلازِمًا للحق  متين الدِّين تام المروءة, فاضلًا، معظّمًا عند الخاصّةِ والعامّة، حَسَن الخُلُق جميل العشرة رَحْب الصَّدر، مُسارِعًا إلى قضاءِ حوائج الناس، نَفّاعًا بجاهِه سَمْحًا بذاتِ يدِه  ماضي العزيمة مِقْدامًا مَهِيبًا  طيب المجالسة حسن المعاشرة.

ومن صفات الشيخ عبد الرحمن جرأته في الحق، ولا غرابة في أن يكون شجاع القلب، جريئا في إعلان ما يعتقده حقّا، لأنه قد استكمل الأسباب التي تسلحه بهذه الجرأة من علم واسع، وورع مشهور، وإباء موروث.


كان رحمه الله حاضر الجواب، لا يتهيب فيما يخطر بباله صَدَّاعًا بالحق لا يحابي، ولا يبالي، ولا يهاب.

فله في الفضائل القدح المعلى وفي المكرمات الطرار المحلى :

أديب له جل المكارم ثابت  *** لبيب له في المكرمات مناقب

صاحب الرأي الأصيل، والسعي الجليل، والرعي الجميل، غلبت عليه سمة الملوك، وشهد بفضله القاصي والداني، سمح البديهة فى المقاصد النبيهة، عزيز النفس كثير ‌الأنفة عن المطامع الدنية بالمطالب النّزيهة، والمراتب الوجيهة، متسع المعرفة، متعدد الإفادة .

كان رحمه الله   عَالما بِالْقُرْآنِ الكريم ومعانيه، والسنة النبوية وفروعها، والتاريخ والسير والأنساب.

حاز فضيلتي العلم والعمل و‌الأنفة الَّتِي تأبى الضيم.

بويع له بخلافة أهل الشيخ سيدي يوم الإثنين 17 دجنبر سنة 2007م، بعد وفاة سلفه الشيخ موسى بن الشيخ سيدي باب رحمه الله.

ساس الأمور بحنكة وحكمة، ودبرها أحسن تدبير، فعم نفعه العام والخاص، وسعى في المصالح العامة والخاصة، وحمى الحمى، وأصلح ذات البين، وجمع الله به الكلمة، وألف به بين القلوب.

فالناس تحت لوائه من راغب *** أو راهب أو رائح أو مغتدى

كانت الوفود تفد إليه كل وقت فتلفى عنده مبتغاها، وكان مجلسه ملتقى للعلم والمعرفة والتوجيه والإرشاد وقضاء حوائج الناس.

كما كان منزله مقصدا للمحتاجين والفقراء والمساكين يجود عليهم بالعطايا والمنح. 

أُعْطِيَت القوس مَن بَرَاهَا *** وبوئ الدار مَن بَناهَا

ألْقتْ عَصاها ثم اسْتقرَّتْ *** مِن بَعْدِ ما أبْعدَتْ نَواهَا

منَصَّةٌ ما رقَى عــــليها *** مَن نال أمْثالها شفاهَا

فما لها كافئ سِـــواهُ *** وما لَه كافئ سِـــــواهَا

يا مَن دَعَتْه العُلَى فَلَبَّى *** وما تَوانَى وما تَلاهَا

هُنَّيتَ بالقَدْرِ والمَزايَا *** وما سِواهَا وما وَراهَا.

وكثيرا ما كنت أسمعه يردد أبيات جده الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير رحمهم الله تعالى :

فَمَنْ يَكُ رَاغِبًا فِي الْقُرْبِ مِنِّي *** يَجِدْنِي دُونَ مَاءِ الْمُقْلَتَيْنِ

وَمَنْ يُؤْثِرْ قِلَايَ فَلَيْسَ شَيْءٌ *** يُوَاصِلُ بَيْنَهُ أَبَدًا وَبَيْنِي

أُلَاحِظُ مِنْ خَلِيطِيَ كُلَّ زَيْنٍ *** كَمَا أُغْضِي لَهُ عَن كُلِّ شّيْنِ

وَلَا أُصْغِي إِلَى الْعَوْرَاءِ حَتَّى *** يَرَى أَنِّي أَصَمُّ الْمِسْمَعَيْنِ

وَمَا جَهْلُ الْجَهُولِ بِمُسْتَفِزِّي *** وَمَا لِي بَالدّنيَّةِ مِنْ يَدَيْنِ

وَأَحْمِلُ كُلَّ مَا يَأْتِي خَلِيلِي *** لَهُ إِلَّا عُبُوسَ الْحَاجِبَيْنِ

وَلَيْسَ يَهُولُنِي مِن مُسْتَشِيطٍ  *** تَهَدُّدُهُ بِنَفْضِ الْمِذْرَوَيْنِ

وَعِندِي جَانِبٌ فِي الْهَزْلِ لَيْنٌ *** وَآخَرُ عِندَ جِدِّيَ غَيْرُ لَيْنِ.

 

توفي رحمه الله سحر الجمعة 16 دجنبر سنة 2011م في بتلميت ودفن بمقبرة البعلاتية. 

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

فعليك السلام أنا فقدنا *** بك شمس الضحى وبدر الظلام

                      *****************

فمضى فقيداً ماله خلف ولا *** مِنْهُ وإن طال الزمان بديل

أما المحاسن بعده فدوارس *** والعلم ربع مقفر وطلول

أما القبور فإنهن أوانس *** بحلوله وعلى الديار محول

الشيخ مات أم البسيطة زلزلت *** أم صار فِي البدر المنير أفول

من فعله الثبت السديد موافق *** للقول مِنْهُ حيث صار يقول

من لا يهاب إِذَا الحقوق تعاورت *** من فِيهِ دولات الزمان تدول

هيهات أن يأتي الزمان بمثله *** إن الزمان بمثله لبخيل

اللَّه حسبي بعده وهو الَّذِي *** فِي كل ما أرجوه مِنْهُ وكيل

أجبر مصيبتنا وأحسن عوضنا *** مِنْهُ فأنت لما تشاء تنيل

                       

                     ***************

قل للتقى والدين بعد محمد *** جودا على عبد الرحيم فقد غبر

ما كان أتقاه وأحسن أمره *** في الله يسعى قدماً وما عثر

أما النهار فصائم متهجد *** والليل يهتف بالقُرآن إلى السحر.


( وسننشر ما قيل فيه من المدح والرثاء لاحقا إن شاء الله ).

 

                        وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي