الشيخ عبد الله بن محمد بن الشيخ سيد المختار بن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي الكبير

فارس الفضلاء ... ونادرة النبغاء

السيد السند الشهم الذي عظمت *** أخلاقه فاغتدى بين الملا علما
دوح السيادة تاج المجد بهجته *** ثغر المعالي بها قد كان مبتسما
أمير مجد سما هام السهى شرفاً *** وكان للعز والعلياء خير حمى
غوث الطريد وغيث اللائذين إلى *** حماه يمطرهم من جوده نعما
ناديه مصدر أنواع الندى أبداً *** ما مَنَّ يوماً بما يعطي ولا سئما:
هو الشيخ عبد الله بن محمد بن الشيخ سيد المختار بن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي الكبير، أمه السيدة العابدة القانتة آمنة ( دودُّ ) بنت سيد محمد ( الراجل ) بن الداه بن داداه بن المختار بن الهيبة 
ولد سنة 1910م في نواحي بتلميت، نَشأ فِي حجر الشهامة وَالْعلم، وتربى فِي حَظِيرَة السِّيَادَة والصيانة والحلم، فبرع صَغِيرا.
نشأ في كفالة والديه في أطيب وصف، وأحسن رصف، أخذ عنهما، وبهما تهذب وانتفع.
درس القرآن الكريم على المقرئ العلامة عبد الودود بن حميه، ثم على المقرئ العلامة سيدي بن محمد عبد الله بن الخلف، وكذا درس على العلامة محمد سالم بن حامدت.
أخذ الإجازة في القرآن الكريم.

وكان جده لأمه العلامة سيدي محمد بن الداه بن داداه قد عكف على تعليمه وتدريسه أيضا حتى ‌ارتوى من علومه، وتضلّعَ من معارفه وفهومه، كما ‌ارتوى من أكابر مشايخ عصره في بقية العلوم روايتها ودرايتها، منقولها ومعقولها.
ولمّا ‌ارتَوى من لقائهم، واحتَوى على ما استفاده من تِلقائهم، كرَّ راجعًا، وحاز بطيب مكارم فضائله المعالي والمفاخر.
كَانَ رحمه الله مِمَّن ‌حَاز ‌قصب السَّبق فِي مضمار الْفَضَائِل، وَشهد بوفور حكمته، وغزارة فَضله الأفاضل، عَارِيا من السقامة، علما فِي الاسْتقَامَة، ورعا عفيفا دينا نظيفا، حسن السِّيرَة، متخلقا بأحسن الأخلاق، مَوْضُوعا بتواضعه على الرؤوس والأحداق، مع ذلك الْفضل الباهر، والتقدم الظَّاهِر.
الطَّيّبُ الخِيمِ والأصْلُ القَدِيمُ لَهُ الـ … ــمَجْدُ الموثَّلُ والعَارِي مِنَ العَارِ
كان الشيخ عبد الله بن محمد بن الشيخ سيد المختار(اباه) بن الشيخ سيدي من الأفاضل الأخيار الأماجد، أمينا رصينا، نقيا تقيا، زكيا رضيا، يقبل العذر، ويحمل الذكر، ويحسن بالناس ظنه، ويتهم على العيب نفسه، يحب في الله بفقه وعلم، ويقطع في الله بحزم وعزم، خلطته فرحة، ورؤيته حجة:
أكرم بأوحد لم يسمح بمثل جنا … به الزمان فصف وأضرب به المثلا
شهم تسنم مرقاه السيادة عن … مجد أثيل بسعد جاوز الحملا
قد اغتذى بلبان المكرمات ومن … ضرع النجابة بالفضل ‌ارتوى عللا. 
بحرٌ لا يلحق له قرارٌ، وبرّ ‌لا ‌يشق ‌له غبار، أعجوبةٌ عصره في القوة والشجاعة، ونادرة دهره في الفتوة والشهامة.
كان صائنا لماء وجهه، ولو تتبعت مآثره لما وسعتها هذه العجالة، بلغ في السخاء وحسن الخلق رتبة معروفة، وأوقاته كلها في الخير مصروفة، إما في نظر وفكر، وإما في تلاوة وذكر، وإما في استفادة أو إفادة، أو في طاعة وعبادة، طباعه على الخير مجبولة، وفكرته بالمعروف مشغولة.
تقيًا آية في الورع والتقى، رطب اللسان بذكر الله، سليم الصدر، خيره كثير، يحب الفقراء والمساكين، وكان مقصدا للمحتاجين، وملاذا للضعفاء والعاجزين:
فالجود مثل قيامه وسجوده *** إن قيس والتسبيح منه عدات 
ذو همة علوية توفي على ال *** جوزاء تسقط دونها الهمات
تنأى عن الأوهام إلا أنها *** تدنو إذا نيطت بها الحاجات 
يحيي بنائله نفوسا مثلما *** يحيا بجود الهاطلات نبات
وعزيمة مثل الحسام مصونة *** عن أن تفلّ به الزمان شباة.
تحدث أحدهم عن الشيخ عبد الله بن محمد بن الشيخ سيد المختار (اباه) فقال: ( كان رحمه الله رجلا تعلوه السكينة والمهابة، جم الأخلاق، واسع البال، جاداً صبوراً واسع النظر، تميز بالبسالة والشجاعة، يذكرك بمن سلف من السلف، وكان ذا طول في التأني والتحمل وحسن الأداء، وتعلمنا منه الأخلاق الفاضلة والشعور بالمسؤولية...).
كان سديد الرأي، كثير الحزم، شديد الشكيمة، ‌ماضي ‌العزيمة، مقداما مهوبا، صلباً في الحق:
مسدَّد الحزم ماضي العزم يصحبه *** أنَّى سرى أو أقام النَّصر والظَّفر
وكنت أشجع من يلفى وأكرم من *** يسمى وأفضل من ينمى ويفتخر.
وكان رحمه الله أفضل الناس خلقا، وأرحبهم صدرا، وأجملهم عشرة، وأتمّهم رجولة، وأنداهم يدا، وأكثرهم احتمالا، آية باهرة في الشعر العامي البديع.
تزوج المرأة الخيرة الفاضلة التقية الصالحة الشيخة أم كلثوم بنت عبد الله بن الشيخ سيدي باب وأقام معها بعين السلامة، ورزق منها ذرية صالحة من أهل الفضل والمروءة.
سافر عدة مرات خارج البلاد وكان كلما عاد يؤثر أصحاب الحاجات والفقراء والملهوفين.
توفي في العاصمة السنغالية داكار، عند ما كان يتلقى العلاج، إثر وعكة صحية انتابته، وذلك يوم الجمعة 15 أكتوبر سنة 1982م، ونقل إلى بتلميت عن طريق ادويره، ودفن بالبعلاتية.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
 فالله يحله في فسيح الرضوان ورحبه، ويجعل ‌الرحمات المتواليات من حزبه وصحبه:
لقد كان بدرا يستضاء بنوره *** وبحرا من المعروف من زاره غرف
وكان أبيّا لا ينال مناره *** ولكن إذا للحق صرّفته انصرف
وكم واصف في الناس يكثر وصفهم *** فيطنب إلا وهو فوق الذي وصف
فيا قبره ماذا حويت من الكرم *** ويا قبره ماذا جمعت من الشرف
ويا قبره دامت ‌عليك ‌سحائب *** ربيعيّة هطّالة ديمها وطف
فيا ربّ شرّف قدره واعل داره *** وأنزله في الفردوس في عالي الغرف.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي