هو البحر إلا أنه دائم العطا *** وذلك لا يخلو من المد والجزر
هو البدر إلا أنه كامل الضيا *** وذاك حليف النقص في معظم الشهر
هو الغيث إلا أن للغيث مسكة *** وذا لا يزال الدهر ينهل بالقطر
هو الشيخ يحيى بن الشيخ سيدي المختار ( اباه ) بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير , أمه فاطمة بت محمود ولد عبدى بن الرباني الأبييرية المحمدية, ولد عند الربيع بأبي تلميت في شهر صفر سنة 1355هـ , الموافق سنة 1936م , وتوفيت والدته ولما يبلغ أربعين يوما, فتولت رعايته والدته الثانية محجوبه بنت حبيب ولد امرابط ولد حبيب الله ولد الفغ نل الفالية, التي ربته وأشرفت على رعايته وتنشئته وتعليمه والعناية بشؤونه, في هذا الجو المفعم بالحنان والود والعطف والحب نشأ الشيخ يحيى وتربى تربية صالحة لم يشعر معها بغياب دفء الأم وحنانها , بل كان يقول عن نفسه إنه لم يشعر يوما من الأيام بغياب والدته من شدة حنان أمه الثانية محجوبه عليه , وكان لا ينسى لها ذلك الفضل .
عكف والده على تعليمه فدرَّسه على العلامة إبراهيم بن محمد المصطفى بن ابن من فخذ ادميجن حتى حفظ القرآن الكريم، ثم انتقل إلى العلامة الشيخ عبد الله بن داداه الذي درسه جميع العلوم والمتون.
ولما استكمل الدراسة والحفظ والاستظهار، انتدب نفسه مدرسا في محظرة الشيخ عبد الله بن داداه الذي كان يوكل إليه تدريس بعض الطلاب ويخلفه في محظرته حال غيابه، إلى أن توفي الشيخ عبد الله سنة 1394هـ ـــ 1974م، فاستقل الشيخ يحيى بالمحظرة ووسع دائرتها وأدارها إدارة جديدة، استقطبت طلاب العلم من كل أنحاء العالم وأصبحت الوجهة المفضلة لدى الراغبين في تحصيل العلم والمعرفة.
فكانت محظرته بحق منارة علمية شاهقة تواصل عطاؤها وعم نفعها وذاع صيتها , ضمت مختلف المشارب والأجناس استوى فيها الفقير والغني, القوي والضعيف .
هو تاج الفضلاء الفخام، عمدة الأفاضل، وبحر الفواضل والفضائل، علامة زمانه وحافظ وقته وفريد دهره صاحب الصفات العالية، والشمائل السامية الحافظ الزاهد المخبت الورع، المتقشف الفاضل العالم أحد من تناهت فيه خلال الصلاح، وعظمت به المنفعة ظاهرة وباطنة، وسلك سبيل السلف المتقدمين من هذه الأمة في الزهد في الدنيا والبعد عن السياسة والخلافات والقناعة باليسير.
كان عالمًا عاملا، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظًا لكتاب الله تعالى، كثير التِّلَاوَة لَهُ عَظِيم الْقيام بِهِ، عالمًا بتفسيره وأحكامه وحلاله وحرامه، عارفًا بالقراءات بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرُقها، صحيحها وسقيمها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، شاعرا متقنا، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم، علمه متين وعقله رصين وأدبه باهر وشعره زَاهِر، لا يُلحق له شأو، ولا يشق له غبار.
سموا فعلوا فوق البرية كلها … ببنيان عال من منيف ومشرف
حكيما متيقظًا دينًا ورعًا، فاضلا، متصاونًا، متقشفًا متقللًا من الدنيا راضيًا منها باليسير، دؤوبًا على العلم كثير الصلاة والصوم متهجدًا بالقرآن الكريم، دائم الفكرة، مُخْفِيًا لأحواله، مُنْقَطِعًا عَن النَّاس، مَشْغُولًا بِالْعبَادَة لا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، ظَاهر الكرامات، نطق بولايته الخاص والعام، مشهوراً باستجابة الدعاء، وله كرامات كثيرة يطول ذكرها, وكان من الورع والزهد بمكان لم يصله سواه, جليلًا بارعًا نافذ الكلمة.
زاكي الأرومة معرق في مجده *** جمّ الفضائل طيّب الأخبار
رقّت طبائعه وراق جماله *** فكأنما خلقا من الأزهار
وحلت شمائل حسنه فكأنما *** خلعت عليه رقّة الأسحار
له المرتبة العليا في الْعلم والعمل به وَالْولَايَة والقدم الثَّابِت في مراقبة الله تَعَالَى وَالرِّعَايَة، سَارَتْ بِذكرِهِ الركْبَان، وَبلغ البلاد والبلدان الأخرى مَاله من علو الْمَكَان، وَكَانَ في حياته مرجع قريته وحضرته وَمَا والاها من القرى، لَا يصدرون إلا عَن رَأْيه وإشارته، وَهُوَ مرجعهم في الْمُهِمَّات، والمدار عَلَيْهِ من بَينهم في الملمات.
إن ناظر العلماء فهو إمامهم *** شرف المعارف، واحد النّظّار
أربى على العلماء بالصّيت الذي *** قد طار في الآفاق كل مطار
جلس للتدريس سِنِين مُتعَدِّدَة وكان من أحسن الناس تعليماً، وأبلغهم تفهيماً, تشد إِلَيْهِ الرّحال للأخذ عَنهُ والتلقي مِنْهُ, درَّس القرآن الكريم والحديث النبوي والفقه والمتون، وكان مجلسه أحفل مجلس وأجمعه لأشتات المعارف، انتفع بِهِ خلائق لَا يُحصونَ، حيث أجاز منهم الكثير، وأقرأ المعقول والمنقول وأفاد علماء كثيرين بمعارفه التي بثها في صدور الرجال، وجعل الله سبحانه وتعالى في تعليمه بركة حتى أنه ليؤثر نفعه في كل من جالسه ولو مرة واحدة، وجميع الذين تعلموا منه وتخرجوا عليه وفقهم الله تعالى للعلم والدين، وَكَانَ أَكثر كَلَامه فِي الْوَعْظ والنصيحة.
تتبسّم الأقلام بين بنانه *** فتريك نظم الدرّ في الأسطار
فتخال من تلك البنان كمائما *** ظلّت تفتّح ناضر النّوّار
تلقاه فيّاض الندى متهلّلا *** يلقاك بالبشرى والاستبشار
كان آية في البذل والسخاء يطعم طلاب العلم ويمنح الغريب والمسكين وذا الحاجة والقريب والبعيد، فحدث عن البحر ولا حرج، يبذل لله وفي طلب مرضاته سبحانه وتعالى، فـلله كم أشبع من بطون جائعة في ليال مسغبة، وكسا من عراة، وكفل من أيتام.
تولي العطايا بغير منّ متبع *** وتجيب راجيها بغير سؤال
حسنت معاليه فليس للطفها *** حد فيعربه لسان مقال
هذا هو الشرف الذي قد جل أن *** تطرى لديه غرائب الأمثال
عالي الهمة آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر صَاحب عبَادَة وزهادة ممدًّا من الله تَعَالَى سبحانه بالسعادة، له المهابة في الْقُلُوب، وَالْجَلالَة في النُّفُوس، بِرؤْيَتِهِ ينجلي كل هم وبؤس، وَكَانَ من الْكَرم في ذروته الْعَالِيَة، وَمن التَّوَاضُع بمكانة غَالِيَة، ذا عفّة في اللسان، وطهارة في القلب، وسلامة صدر، مقدما في قومه، مُعظما في عشيرته، نَشأ على خير وفي خير.
يقول الشيخ يحيى بن الشيخ سيد المختار بن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي الكبير رحمهم الله تعالى:
أنت الرؤوفُ بنا تُطاعُ فتشكُر *** كرَمًا وتُعصَى يا حليمُ فتَغفِر
وتُنيلُ مَن يرجوك فوق مَرامِه *** وظنونِه بمراتبٍ لا تُحصَر
إذ لا يكادُ الخلقُ يُحصي كلُّه *** بالعدِّ فضلَك فالمواهبُ أكثَر
وكذاك لا تُحصِي مقالةُ قائلٍ *** مدحَ الغنِي لو أنه لا يَفتُر
سبحان ربيَ لا شريك لهُ لهُ *** كلُّ الأنامِ وما يشاءُ يُقَدِّر
وإذا دعاه أخو الحوائجِ جمَّةً *** هطلت سحائبُ بالحوائجِ تَمطُر
يا مَن يفرجُ كربَنا وهو الذي *** لعباده كلَّ المآثِم يَغفِر
وهو الذي يقضي المآربَ كلَّها *** وهو الذي كلَّ المثالبِ يستُر
يا اللهُ يا رحمنُ يا جمَّ العطَا *** يا ربِّ يا غفارُ يا متكبر
أدعوك يا مغني بمالَكَ من سُمًا *** يا من يُّديمُ عطاءَه ويُكَثِّر
وسُماك يا ربِّ الذي تُعطِي به *** وبه تجيبُ إذا دُعيتَ وتَنصُر
فاقضِ الحوائجَ فالحوائجُ جمَّةٌٌ *** لكنها في جنب فضلك تَنزُر
فلَكم قضيتَ عظيمَها وخفيفها *** ولَكَم تيسَّر ما أُبينُ وأسْتُر
واجعل لنا بك عن سَوائِك مَشْغلا *** وعلى الذي ترضَى نَدوم ونصبِر
وهبِ المحبةَ والسعادةَ والهدى *** ورِضًا يدومُ لنا وما نتخيَّر
وهبِ الأمانَ مَدى الزمانِ مِن الذي *** يوذي العبادَ وما يَضير ويَذْعُر
واغْفِر ذنوبا جئتُ مُعترِفا بها *** يا من يُّثيبُ وللذنوب يُكفِّر
واسقِ الورى اللهمَّ سُقيا رحمةٍ *** بالأمن لا سُقيا عذابٍ يُحذَر
فيها ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا *** محقٍ ترٍبُّ أسابعا لا تَفتُر
فبها المياهُ تُرى تسيل على الربا *** وبها الوِهادُ تُرى بحارا تزخر
وبها الأراضي تكتسي بنباتها *** فيعُمُّها روضٌ نضيرٌ أخضر
مُتلوِّنا فيه السوادُ وحُمرةٌ *** والأبيضُ اليعلولُ ثم الأصفر
وتُرى بها الأشجارُ ناعمةً غدَتْ *** مَكسُوةً ورَقا وزهرًا ينضِر
فيُرى لذا الخِصب المباركِ كلُّنا *** ألِفَ السرورَ بما ينالُ وينظُر
يُضحِي به الحيوانُ ذا سِمَنٍ غدَا *** منه الصغارُ كأنها ما يَكبُر
ولِكثرةِ الرِّسلِ المباركِ لا يُرى *** أُخِذَ الدقيقُ ودُهنُه والسُّكَّر
وتُرى البهائمُ في المهامِهِ رُتَّعًا *** زمنًا كثيرا لا الموارِدَ تَذكُر
ويصيرُ تعليفُ البهائمِ كلِّها *** في العام أجمعَ بالورى لا يخطُر
وبها المزارع تطَّبي أربابَها *** ولهم بأعلى ما يُؤمَّلُ تُثمِر
وبها يُرى الرِّبحُ الحلالُ لمن غدا *** يرجو المرابِحَ بالبضائعِ يتجُر
وبها الشدائدُ والمكارهُ تنثَني *** وبها الذي نرجو ونامُلُ يَحضر
وبها اليسيرُ لنا يكونُ مباركا *** وبها العسير جميعُه يتيسر
وبها يُرى خلقُ الكريمِ جميعُه *** متنعِّما نِعمَ المهيمِن يشكر
وبها ثأى الاهلينَ يَصلُحُ كلُّه *** فيئيضُ بعد الخُلفِ صُلحا يَبهَر
ويعمُّهم خيرٌ وتوفيقٌ لما *** يُرضي الإلهَ ويُسرُ ما يتعسَّر
ويُرى جميعُ المؤمنين تصالحوا *** والكلُّ منهم بالهداية يظفَر
قدِّر بحَضرتنا الثواءَ لمن بها *** طلبَ الخيورَ وأَولِهِم مَّا أضمَروا
واصرِف بفضلك خاسئًا لا ينثني *** عنها الذي منه المفاسِدُ تظهَر
واجعل بها علمَ الشريعةِ دائما *** قرآنا أو خبرا وفقها يُنشر
ومن الخلاف لأهلها كن حافظا *** وعلى الذي ترضى الوِفاقُ يُقدَر
ولِحاجِ مَن سلكوا وحاجِ شُيوخِهم *** يسِّر لدى الدنيا وما يتأخر
وقِهم جميعا ذا العداوةِ والذي *** يبغِي المِرا وعلى التلامذِ يُنكِر
ثَبتهمُ أبدا على طلبِ العلا *** حتى يُرى لهمُ المَقامُ الأكبر
واجعل بفضلك كلَّ فردٍ منهمُ *** لإلههِ أبدا كثيرا يُذكر
مُستغفرا ومُهلِّلا ومصليا *** يتلو كتابَ إلههِ يَتدبر
مُتبتِّلا دهرا إليه ومُخبتا *** ومراقبا ومشاهدا يتفكَّر
أسقيتَه كأسَ الفَنا فكأنه *** بسوى القديمِ إلهِه لا يَشعُر
مُتأدِّبا علَما يُرى بزمانه *** يَهدِي بإذن إلهَه مَن يَّكثُر
يقفُون طرًّا نهجَ أحمدَ خالِصا *** عذبَ الزُّلالِ ولا غُبارَ يُكدِّر
صلى عليه مُسلِّما رَبُّ الوَرى *** مع آله ومَنِ اقتفى ما يُوثَر
ما سَحَّ فضلُ اللهِ رَبِّيَ إذ دعا *** عبدٌ ففازَ بما يَوَدُّ ويُنصَر.
لم تكن حياة الشيخ يحيى حياة لهو وعبث أو حياة دعة وخمول، وإنما كانت مثالاً حيًّا لسيرة العالم الجاد الذي رفض متع الحياة ومباهجها، وبذل وقتَه وجهده للعلم والتعليم.
يقول الشيخ يحيى رحمه الله تعالى :
يَا رَبَّنَا يَا مَنْ يَّمُنُّ وَيُكْرِمُ *** يَقْضِي الحوائِجَ والْمَكَارِهَ يَصْرِمُ
يَعْفُو عَنِ الْأَوْزَارِ يَشْكُرُ سَعْيَنَا *** بِقَلِيلِهِ يُعْطِي كَثِيرًا يَعْظُمُ
لَيْسَتْ بِمِدْحَتِهِ مَقَالَةُ قائِلٍ *** أَبَدًا تَفِي فَهْوَ الْإِلَهُ الْأكْرَمُ
فَجَلَالُهُ وكَمالُهُ يَدْعُو لِأَنْ *** يَّرْضَى وَيَغْفِرَ وَالْمَرَامُ مُتَمَّمُ
إنَّا وإِن كُنَّا الضِّعَافَ فَرَبُّنَا *** هُو الْقَوِيُّ مِنَ الْخُطُوبِ يُسَلِّمُ
أَسْمَاؤُكَ الْحُسْنَى بِهَا أَدْعُوكَ يَا *** يَا أَحَدٌ ويَا صَمَدٌ والِاسْمُ الْأَعْظَمُ
فَلَأَنتَ مَالِكُنَا وأنتَ إِضَاضُنَا *** وَلَأنتَ يَا رَبِّي بِحَاجِيَ أَعْلَمُ
فَاقْضِ الْحَوَائِجَ يَا كَرِيمُ تَفَضُّلًا *** فَلَكَمْ تَيَسَّرَ مَا أُبِينُ وَأُبْهِمُ
وَاغْفِرْ وَتُبْ وَارْحَمْ فَقَدْ عَوَّدتَّنَا *** يَا اللهُ يَا رَحْمَانُ أَنَّكَ تَحْلُمُ
مِن سائِرِ الأَدْوَا عَلَى مَا نَرْتَجِي *** عَجِّلْ شِفَاءَ جَمِيعِنَا وَيُكَرَّمُ
رَبِّ اسْقِنَا غَيْثًا مُّغِيثًا نَّافِعًا *** وَمُبَارَكًا كُلَّ الْبِلادِ يُعَمِّمُ
يَهْمِي بِهَا زَمَنًا تَسِيلُ مِيَاهُهُ *** فَوْقَ النِّجَادِ وكُلُّ نِهْيٍ مُّفْعَمُ
وَبِهِ تُرَى آرَاضُنَا مَكْسُوَّةً *** بِالنَّبْتِ عَنْ أَزْهَارِهِ يَتَبَسَّمُ
أَشْجَارُها وَالنَّجْمُ نَاعِمَةٌ غَدَتْ *** بِغُصُونِهَا أَطْيَارُهَا تَتَرَنَّمُ
فَبِخِصْبِهَا وبِحُسنِها وَبرَغْسِهَا *** جَمْعًا يُحَدِّثُ مَنْ عَلَيْنَا يَقْدَمُ
وَبِهِ ذَوَاتُ الدَّرِّ يَكْثُرُ دَرُّها *** وَبِهِ الْأَنَاعِمُ فِي الْمَواطِنِ تَنْعَمُ
وَيَكَادُ لِلْخِصْبِ الْمُبَارَكِ يَسْتَوِي *** حِلْفُ الْغِنَى فِي يُسْرِهِ وَالْمُعْدِمُ
وَيَئِيضُ مَن كُلُّ الْأَنَامِ يَزُورُهُ *** ضَيْفًا لِّكَثْرَةِ رَسْلِهِ لَا يَلْحَمُ
وَيَرُوحُ مَنْ حَيَوَانُهُ مُتَكَاثِرٌ *** فِي عَامِهِ حَيَوَانَهُ لَا يُطْعِمُ
يَدْنُو السُّرُورُ بِهِ وَيَبْعُدُ غَيْرُهُ *** وَالتَّوْبُ يُقْبَلُ مِنْ عُبَيْدٍ يَأْثَمُ
وَالشَّرُّ نَاءٍ وَالْخُيُورُ كَثِيرَةٌ *** كُلُّ الْعِبَادِ لِرَبِّهِ مُسْتَسْلِمُ
وَبِهِ تَمُنُّ عَلَى الْعَشِيرَةِ بِالتُّقَى *** وَتَصَالُحٍ مِّن بَعْدِهِ لَا تَندَمُ
وَبِهِ لِهَذَا الْبَيْتِ مَا عَوَّدتَّنَا *** أَبَدًا يَدُومُ مِنَ الْمَكَارِهِ يَسْلَمُ
وَبِهِ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ تَوَافُقٌ *** وَتَعَبُّدٌ وَتَأدُّبٌ وَتَعَلُّمُ
وَيَكُونُ صَرْفُ الْكُلِّ فِي كُلِّ الذِي *** يُرْضِي الًمُهَيْمِنَ رَبَّنَا وَيُعَظِّمُ
وَاقْضِ الْحوَائِجَ لِلذِي يَبْغِي هُنَا *** نَيْلَ الْخُيُورِ وَلَيْسَ شَرًّا يَكْتُمُ
وَاصْرِفْ بِفَضْلِكَ خَاسِئًا عَنَّا الذِي *** يَنْوِي الشُّرُورَ وَمَنْ يَّخُونُ وَيَظْلِمُ
رَبِّ اكْفِنَا شَرَّ الْعَدُوِّ جَمِيعِهمْ *** وَالشَّرَّ رُدَّ عَلَيْهِمُ مَا أَجْرَمُوا
وَجَمِيعَ إِخْوَانِي تَلَامِذِ شَيْخِنَا *** أَوْلِ الْخُيُورَ جَمِيعَهَا لَا تُصْرَمُ
وَالسَّالِكِينَ وَمَن قَفَوْا خَوِّلْهُمُ *** مَا أَمَّلُوهُ وَكُلُّ فَرْدٍ مُّكْرَمُ
بِتِلَاوَةٍ وَتَفَكُّرٍ وَتَنَفُّلٍ *** أَبَدًا وَمِن تَهْلِيلِهِ لَا يَسْئَمُ
قَرَّبْتَهُ قُرْبًا وقَدْ أَسْقَيْتَهُ *** كَأْسَ الْفَنَا بِشُهُودِهِ يَتَنَعَّمُ
وَاجْعَلْهُ يَا مُعْطِي الْجَزِيلِ تَكَرُّمًا *** بِعُلُومِ شَرْعِكَ عالِمًا وَيُعَلِّمُ
صَيّْرْهُمُ أَبَدًا هُدَاةً لِّلْوَرَى *** مَن بَعْدَهُم مِّثْلُ الشيُوخِ مُقَدَّمُ
يَسِّرْ لَنَا أَبَدًا إِقامَةَ دِينِنَا *** فَيَؤُمُّنَا فِيهِ النَّبِي الْمُتَقَدِّمُ
مِنكَ الْإِعَانَةَ فِي أُمُورِيَ أَرْتَجِي *** بِالْعَوْنِ يَا رَبِّي يُعَانُ الْمُغْرَمُ
حَاشَى لِرَبِّيَ أَنْ يَّرُدَّ عُبَيْدَهُ *** وَهُوَ الْغَنِي مَا عِندَهُ لَا يَعْدَمُ
رَبِّ اسْتَجِبْ كَرَمًا بِجَاهِ نَبِيِّنَا *** هَذَا الدُّعَاءَ لَنَا وَزِدْ مَا تَعْلَمُ
صَلَّى عَلَيهِ إِلَهُهُ بِسَلَامِهِ *** مَعَ آلِهِ وَصِحَابِهِ مَنْ عُظِّمُوا
وَالْحَمْدُ لِلهِ الْعَلِي الْمُغْنِي بِهِ *** بَدْءٌ بِكُلِّ أُمُورِنَا وَالْمَخْتَمُ .
كان "رحمه الله" يتمثّل هدي السلف الصالح في هيئته، ومظهرِه، وسمتِه، وأدبه، وحسن خلقه، وتواضعه.
كانت عقيدته ــ رحمه الله تعالى ــ عقيدة السلف الصالح من هذه الأمة نظيفة بعيدة عن علم الكلام والجدل والتأويل وغير ذلك من الأمور التي تبعد المسلمين عن الصواب في عقيدتهم.
***********
إمام اجتهاد عالم العصر عامل *** بجامع فضل ناسك متهجد
ويحسد طرف النجم بالعلم طرفه *** إذا بات ليلا فيه وهو مسهد
ويقدح زند العزم زند ذكائه *** فيصبح منه فكره يتوقد
ومن مدد المولى وعين عناية *** وتوفيقه يحيا ويحمي ويحمد
ومجتهد قد طال في العلم مدركا *** وباعا ففي كل العلوم له يد
فحق له دعوى اجتهاد لأنه *** هو البحر علما زاخر اللج مزبد
وقد جاد صوب العلم روضة أصله *** فطاب له بالعلم فرع ومحتد
***********
توفي رحمه الله فجر الأربعاء 16 رجب سنة 1441هـ الموافق 11 مارس 2020م ودفن بتندوجه 70 كلم شمال بتلميت .
حضر جنازته خلق كثير وجمع غفير غصت بهم الساحات والطرق.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
***********
ألا فابك للإسلام إن كنت باكيا *** لحلٍ من الإسلام أصبح واهيا
تهدم حصن الديار وانهار ركنه *** عشية أمسى في المقابر ثاويا
إمام حباه الله فضلاً وحكمة *** وفقهه في الدين كهلاً وناشيا
وزوّده التقوى وبصره الهدى *** فكان بلا شك إلى النور هاديا.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي