ترجمة الشيخ الفاضل إسماعيل بن محمد بن الشيخ سيدي المختار (اباه) بن الشيخ سيدي

ترجمة صاحب النبل والخلق الكريم ... والفضل والإحسان والقلب السليم:


عهدنا فيه أخلاقا عذابا *** وحلما أحنفيا واصطبارا
لقد شملت فواضله اليتامى ***ووضيفا حيث حل به وجارا
وحاز من المكارم كل فضل *** كما حاز السيادة والفخارا
هو الشيخ إسماعيل بن محمد بن الشيخ سيدي المختار (اباه) الجواد بن الماجد بن الحليم، أمه السيدة الجليلة الفاضلة آمنة (دود) بنت سيدي محمد (الراجل) ولد الداه ولد داداه.
ولد الشيخ إسماعيل سنة 1934م، وتربى في حجر والديه، حجر التقى والعلم والمروءة والنبل والسؤدد والمكارم والمعالي.
كما نشأ في تربيتهما وتعليمهما وتأديبهما وتهذيبهما، وتلقين أمه إياه المعارف الأولى.
 درس على الشيخ عبد الله بن داداه حيث محاضن القرآن الكريم وينابيع السنة النبوية فنهل من معين الشيخ وأخذ عنه العلم.
حفظ القرآن الكريم، فكان يتلوه آناء وأطراف النهار كما تزود من العلوم الشرعية. 
ولما شب عن الطوق تاقت نفسه إلى ولوج معالي الأمور، وامتطاء صهوة السؤدد والنبل، فترقى إلى أن اعترف الكل بفضله.
كان من أكبر أهل المنطقة فضلا، وأوفرهم حجى وعقلا، له في المعروف اليد الطولى والهمة العلياء، كاملَ المُروءة طيِّبَ العِشرة حسَنَ الخَلْقِ والخُلقِ، ‌أبيّ ‌النفس، متين الدين، كثير الورع، وافر الحرمة، غزير الجود واسع الكرم، تهابه العامة والخاصة:
وعزمك قد جاز السَّماء سموُّه *** وقدرك قد أعيا النُّجوم سموقه
وخلقك صب بالجميل جماله *** وخلقك مغزى بالوفاء خليقه
 جميلَ الصُّحبة مُمتِّعَ المُجالسة عَذْبَ المنطِق، وجيهًا، نَفّاعًا بجاهِه ومالِه وعلمِه، مشهورَ الوفاء، رَصِينَ العقل، جَزْلَ الرأي، كريمَ الطَّبع، شديدَ التحريض على طلبِ العلم والترغيبِ فيه.
 أنشأ حاضرة غرب أبي تلميت وحفر بها بئرا ارتوازية كما بنى فيها مسجدا، وأسس فيها أيضا محظرة كبيرة استجلب لها الحفاظ والمقرئين، واستقطبت الكثير من طلاب العلم والمعرفة من داخل الوطن وخارجه، فتوافد عليها الطلبة من السنغال وغامبيا وإقليم كازاماس وغينيا بيساو، وقد وسع الكل بفضله وكرمه، باذلا لهم المعروف، موفرا لهم المأوى،  قائما بنفسه على شؤونهم، ساعيا في حوائجهم:
فتى ليس يثنيه عن ‌الجود ‌والندى *** ملامة لاح أو مقالة زاجر
سريع إلى داع المكارم والعلى *** سبوق إلى الخيرات كلّ مبادر
حميّ يحلّ الجار منه بمنعة *** يذلّ لها خوفا صروف المقادر.
تخرج من تلك المحظرة الكثير من حفاظ كتاب الله تعالى.
وكانت قريته تيدملين مورداً لأصحاب الفضل، ومقصداً لذوي المروءة والعدل، ووجهة لذوي الرشد والهدى، ومهوى لطلاب ‌الجود ‌والندى.
اتسعت فكثر قاطنوها، وكان يوفر الأرض والماء لمن يريد الإقامة بها، وعلى ذلك الهدي سار خلفه من بعده.
كان رحمه الله شريف السيرة والسريرة.
 لم يزل في نفاسته ومعارج رياسته مع النّسك والزّهد، والأخذ بسنن الصالحين، والتخلّق بأخلاقهم، قانتا لله، منيبا له، عالما زاهدا صالحا خيّرا متقشّفا، كثير التّبتّل والتّزلّف بالخيرات، مسارعا إلى الصالحات، دائم الصلاة والقيام، واعظا، مذكرا بالله تعالى، داعيا إليه، ورعا، مواسيا بجاهه وماله، طيّب المجالسة، أنيس المشاهدة إلى أن توفي رحمه الله.
يقول عنه العلامة الفاضل الشيخ إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي باب حج الشيخ إسماعيل مِرارا كثيرة سبعا أو ثمانيًا، كانت أخراهنّ عام 1429هـ، وقد صحبته فى ثلاث منها على الأقل، فضلا عن العُمَر التى أداها فى رمضان وغيره، تقبل الله منه.
ويضيف قائلا: لقد منّ الله علىَّ إذ عرفت الشيخ إسماعيلَ عن كثب فى السنغال، وفى البيت الحرام. وقديما قيل: إن الأسفار محكّ الرجال. فقد شاء الله عز وجل أَن لبِثنا  فصولا من الدهر لا نبيت ولا نَقيل إلا فى غرفة واحدة بمكة المكرمة. ولا أذكر أنه ترك قيام ليلة واحدة طولَ تلك المُدَد المتفاوتة، ولا أنه زاد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة هدىَ النبىّ صلى الله عليه وسلم.انتهى كلامه.
 وكان الشيخ إسماعيل مكثرا من الصدقة ومن جميع أفعال الخير، لا يرضى بالدون ولا سفاسف الأمور، بعيدا عن الريب، متمسكا بعرى النزاهة، رفيع العماد، واسع الناد، كريم المائدة، عظيم الفائدة، ‌‌يعود ‌المرضى ويشهد الجنائز، ويعظم الحرمات والشعائر.
 وكان داعية إلى عقيدة أهل السنة، والسلف الصالح، مثابرا على السعي في هداية من يرى فيه زيغا عنها،  وصولا للرحم:
ربيب المعالي يافع ‌الْجُود ‌والندى *** فَتى الْعلم كهل الْحلم شيخ التأدب.
رزقه الله القبول فذاع صيته واشتهر أمره، وكثر أتباعه ومريدوه في دول من غرب إفريقيا.
توفي الشيخ إسماعيل بن محمد بن الشيخ سيدي المختار  يوم الثلاثاء 13 جمادى الثانية 1437 هجرية، الموافق 22 مارس سنة 2016م، عن عمر ناهز اثنتين وثمانين سنة بانواكشوط، ونقل إلى البعلاتية حيث دفن بها:
 وسقاه مولانا ‌شآبيب الرضا *** تغشاه بالآصال والأبكار.
 أنزل الله تعالى عليه ‌شآبيب رحمته وأمطار كرمه، وأدخله فسيح جنانه، وشرّفه بكامل رضوانه ونوّر قبره، وبرّد مضجعه آمين يا رب العالمين.
يقول القاضي محمدن ولد باركلل في رثاء الشيخ إسماعيل بن محمد بن الشيخ سيدي المختار (اباه) رحمهم الله تعالى:
إلى رحماك إسماعيل سارا *** إلهي طبق ما اخترت اختيارا
وما للعبد في ما الله قاض***منازعة إذا القلب استنارا
عهدنا فيه أخلاقا عذابا***وحلما أحنفيا واصطبارا
لقد شملت فواضله اليتامى***وضيفا حيث حل به وجارا
وحاز من المكارم كل فضل***كما حاز السيادة والفخارا
فأكرم رب منزله وهبه***مع الأبرار فى الفردوس دارا
وبارك في بنين وفي بنات***شعار المجد كان لهم شعارا
بجاه المصطفى صلى عليه***إله العرش ما بدر توارا.
ويقول التاه ولد محمدن ولد باركلل فى رثاء الشيخ إسماعيل بن محمد بن الشيخ سيدي المختار (اباه) بن الشيخ سيدي رحمهم الله تعالى:
هي الدنيا لساكنها ابتلاء***وليس لحادث فيها بقاء
وما للمرء إلا الصبر فيها***وأن يرضى إذا نزل القضاء
وإن رحيل إسماعيل عنا***مصاب لايعاب به البكاء
كريم أريحي لوذعي***سخي الكف شيمته الوفاء
وقد حسن الثناء عليه حيا***وفيه اليوم قد حسن الرثاء
كريم لايغيره صباح***على الخلق الجميل ولا مساء
وإن له لأبناء سراة***غطارفة لنا فيهم عزاء
حباه الله فى جنات عدن***مقاما فيه طاب له الثواء
وبارك فى بنين وفى بنات***بصرح المكرمات بهم بناء
بجاه المصطفى صلى عليه***إله العرش ما طلعت ذكاء.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي.