بسم الله الرحمن الرحيم
لم يبلغ مجتمع ما بلغه الشناقطة من الفهم وسعة الأفق وحدة الذكاء والنبوغ ، ولقد سجل لهم التاريخ أحداثا ومناسبات كان لهم فيها قدم السبق والريادة خاصة ميدان العلم والمعرفة ، ومن هذه المجالات التي عرفوا بها وتداولها الورى بعدهم : حكمهم المأثورة وتجاربهم المشهورة ، ضمنوها في أشعارهم ودونوها بطريقتهم ، وإليكم نماذج منها :
قال الشيخ سيدي الكبير رحمه الله :
أَيَا مَعْشَرَ الْإِخْوَانِ دَعْوَةُ نَادِبِ ***** إِلى الْحَقِّ وَالْمَعْرُوفِ ليْسَ بِكَاذِبِ
أعِيرُونِيَ الْأَسْمَاعَ أُهْدِ إِلَيْكُمُ ***** وَصِيَّةَ صَافِي النُّصْحِ غَيْرِ مُخَالِبِ
فَهَذَا أَوَانُ النُّصْحِ وَسَّطَ نَجْمُهُ **** لِتَوْسِيطِ نَجْمِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْأَصَاحِبِ
فَلَا تُنتِجُوا الْبَغْضَاءَ بِالْمَزْحِ بَيْنَكُمْ ***** بَلِ اسْتَنتِجُوا بِالدِّينِ وُدَّ الْأقَارِبِ
فَكَسْرُ الْأوَانِي بِالدِّفَاعِ مُرُوءَةً ***** يُبَايِنُ فَضْلًا كَسْرَهَا بِالتَّجَاذُبِ
وَمَن كَانَ ذَا لَوْحٍ وَهَمٍّ وَطَاعَةٍ ***** فَلَا يَدْنُ لِلْمُسْتَصْبِيَاتِ اللَّوَاعِبِ
فَمَا أفْسَدَ الْألْوَاحَ وَالْهَمَّ وَالتُّقَى ****** كَبِيضِ التَّرَاقِي مُشْرِفَاتِ الْحَقَائِب
مِرَاضِ الْعُيُونِ النُّجْلِ حُوٍّ شِفَاهُهَا ***** رِقَاقِ الثَّنَايَا حَالِكَاتِ الذَّوَائِبِ
وقال امحمد بن الطلبه اليعقوبي رحمه الله:
ومــا مــات مَــن أبـقـى ثـنـاءً مـخَـلَّداً *** ومـا عـاشَ مـن قـد عـاش عـيـشـاً مذمَّما
ومـا المـجـدُ إلّا الصـبرُ في كل موطن *** وأن تـجـشـمَ الهـولَ العـظـيـمَ تـكـرُّمـا
وما اللؤمُ إلّا أن يرى المرءُ غابطاً *** لئيــمــاً لمـالٍ فـي يـدَيـهِ إن أعـدَمـا
فـذاكَ الذي كـالمَـوتِ فـي الناسِ عَيشهُ *** ومَــن عــدَّ مــالاً مــالهُ كــان ألأمــا
ومــا الدهــر إلّا بــيــنَ ليــنٍ وشِــدَّةٍ *** فـمَـن سـرَّ مـسـيـاً فـيـه أصـبـح مُـرغَـما
ومـا الحَـزمُ إلّا مـرَّةُ النـفـسِ تُـقتَنى *** لشِــدَّتــهِ مــن قــبــلِ أن تــتَــحَــكّــمــا
ومــا العــجــزُ إلّا أن تـليـنَ لمَـسِّهـا *** فــتَـضـجَـرَ مـن قـبـلِ الرخـاءِ وتـسـأمـا
وليــسَ الغــنـى إلّا اعـتـزازَ قـنـاعَـةٍ *** تُــجِــلُّ أخــاهــا أن يــذلَّ ويُــشــتــمــا
وما الفقرُ إلّا أن يُرى المرءُ ضارِعاً *** لنــكــبَــةِ دهــرٍ قــد ألمَّ فــيَــقــحَـمـا
وخــيـرُ الرجـالِ المُـجـتـدى سـيـبُ كـفِّهِ *** وأجــرَؤُهــم عــنــدَ الكـريـهـةِ مُـقـدَمـا
وَشَــــرُّ الرجــــالِ كـــلُّ خَـــبٍّ مـــرامـــقٍ *** إذا مـا دعـا الداعـي لأمـرٍ تـلعـثَما
تـجـنَّبـُ صـحـابَ السـوءِ مـا عـشـتَ إنَّهـم *** لكـالجُـربِ يُـعـديـنَ الصـحـيـحَ المُسَلّما
وراعِ حــــدودَ اللَهِ لا تـــتـــعَـــدّهـــا *** وصَـــغِّر وعـــظِّمـــ مـــا أهــانَ وعــظَّمــا
وراعِ حـــقـــوقَ الضــيــفِ والجــارِ إنَّهُ *** لعَــمــرُكَ أوصــى أن يُــبَــرَّ ويُــكــرَمــا
وإن جــهِــلَ الجُهّــالُ فــاحــلُم ورُبَّمــا *** يــكــونُ عــليــكَ العــارُ أن تـتـحَـلَّمـا
وبِــالحَــسَــنِ ادفَـع سـيّـئاً فـإذا الذي *** يــعــاديـكَ كـالمـولى الأحـمِّ وأرحَـمـا
ولا تــقـرَبَـنَّ الظـلمَ والبـغـيَ فـاطَّرِح *** فــغِــبُّهــُمــا قــد كــانَ أَردى وأشـأمـا
وما البِرُّ إلّا اليُمنُ والعدلُ والتُقى *** ومــا الشـؤمُ إلّا أن تـخـونَ وتـأثَـمـا
وقال الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير:
عَدَتْنِي أَنْ أُصَافِيَ كُلَّ خِلٍّ *** مَخَايِلُ مِن مُّدَاهَنَةٍ وَمَيْنِ
كِلَا أَخَوَيَّ يُظْهِرُ لِي وِدَادًا *** فَاَعْرِفُ مَا يَسُرُّ كِلَا الأَخَيْنِ
فَمَنْ يَكُ رَاغِبًا فِي الْقُرْبِ مِنِّي *** يَجِدْنِي دُونَ مَاءِ الْمُقْلَتَيْنِ
وَمَنْ يُؤْثِرْ قِلَايَ فَلَيْسَ شَيْءٌ *** يُوَاصِلُ بَيْنَهُ أَبَدًا وَبَيْنِي
أُلَاحِظُ مِنْ خَلِيطِيَ كُلَّ زَيْنٍ *** كَمَا أُغْضِي لَهُ عَن كُلِّ شّيْنِ
وَلَا أُصْغِي إِلَى الْعَوْرَاءِ حَتَّى *** يَرَى أَنِّي أَصَمُّ الْمِسْمَعَيْنِ
وَمَا جَهْلُ الْجَهُولِ بِمُسْتَفِزِّي *** وَمَا لِي بَالدّنيَّةِ مِنْ يَدَيْنِ
وَأَحْمِلُ كُلَّ مَا يَأْتِي خَلِيلِي *** لَهُ إِلَّا عُبُوسَ الْحَاجِبَيْنِ
وَلَيْسَ يَهُولُنِي مِن مُسْتَشِيطٍ *** تَهَدُّدُهُ بِنَفْضِ الْمِذْرَوَيْنِ
وَعِندِي جَانِبٌ فِي الْهَزْلِ لَيْنٌ *** وَآخَرُ عِندَ جِدِّيَ غَيْرُ لَيْنِ
وَقَدْ يُلْفَى إِذَا الْجُلَّى ادْلَهَمَّتْ *** أُسَامَةَ مَنْ يُظَنُّ أَبَا الْحُصَيْنِ
وقال محمد بن سيدي عبد الله العلوي رحمه الله:
إنّ السيادة في اثنتين فلا تكن … يا بن المشايخ فيهما بالزاهدِ
حمل المشقة واحتمال أذى الورى … ليس المشمرُ للعلى كالقاعدِ
قل للذي طلب العلى بسواهما … هيهات تضرب في حديد باردِ
وقال الشيخ سيدي باب رحمه الله :
أحمدُ مَا يُصْطَادُ يَا أحْمَدُ *** عِلْمٌ وَتَقْوَى اللهِ وَالسُّؤْددُ
فَاقِدُهَا فَأيْنَ مَا نَالَهُ *** وَمَنْ يَنَلْهَا أَيْنَ مَا يَفْقِدُ
وَإرْثُهَا أحْسَنُ مَا يُقْتَنَى *** مَا الْخَيْلُ وَالْأنْعَامُ والْعَسْجَدُ
وَلَذَّةٌ يَرْفَعُ إدْمَانُهَا *** لَا الْكَأْسُ وَالْأَوْتَارُ وَالْخُرَّدُ
يَسْعَدُ فِي الدُّنيَا بِهَا أهْلُهَا *** وَهُمْ غَدًا مِنْ أجْلِهَا أسْعَدُ
يَهْدِيكُمُ اللهُ سَبِيلَ الْأُلَى *** بِفَضْلِهِ مِن كُلِّ قَرْنٍ هُدُوا
أبْوَابُهُ لِلْحَاجِ مَفْتُوحَةٌ *** وَخَيْرُهُ الْوَاسِعُ لَا يَنفَدُ .
وقال رحمه الله :
آمِنْ أُخَيّ وَاسْتَقِمْ *** وَنَهْجَ أحْمَدَ الْتَزِمْ
وَاجْتَنِبِ السُّبُلَ,لَا *** تَغْرُرْكَ أضْغَاثُ الْحُلُمْ
لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَدَى *** خَيْرِ الْقُرُونِ قَدْ عُدِمْ
أحْدَثَهُ مَن لَمْ يَجِبْ *** قطْعًا بِأنَّهُ عُصِمْ
مِن بَعْدِ مَا قَدُ انزِلَتْ *** الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ
وَبَعْدَ مَا صَحَّ لَدَى *** جَمْعٍ عَلَى غَدِيرِ خُمْ
وَادْعُ إلَى سَبِيلِهِ *** وَخُصَّ فِي النَّاسِ وَعُمْ
وَاذْكُرْ إذَا مَا أعْرَضُوا *** عَلَيْكُمُ أنفُسَكُمْ.
وقال رحمه الله :
كُن لِلْإِلَـَهِ نَاصِرَا *** وَأَنــــــــــــكِرِ الْمَـنَاكِـرَا
وَكًنْ مَعَ الْحَقِّ الذِي *** يَـــــرْضَاهُ مِنكَ دَائِرَا
وَلَا تَعُـدَّ نَافِـعًا *** ســـــــــــــــوَاءَهُ أَوْ ضَائِـرَا
وَاسْـلُـكْ سَبِـيلَ الْمُصْطَفَى *** وَمُتْ عَلَيْهِ سَائِرَا
فَـمَا كـَفى أَوَّلَـنَا *** أَلَيْسَ يَكْـــــــــفِي الْآخِرَا
وَكُنْ لِـقـَوْمٍ أَحْدَثـُوا *** فِـي أَمْــــــرِهِ مُهَاجِرَا
قَدْ مَـوَّهُـوا بِـشُـبَهٍ *** وَاعْــــــتـَذرُوا مَـعَـاذِرَا
وَزَعَـمُوا مَـزَاعِـمًا *** وَسَــــــــــوَّدُوا دَفـَاتِـرَا
وَاحْتـَنَكـُوا أَهْلَ الْـفـَلَا *** وَاحْتـَنَكـُوا الْحَوَاضِرَا
وَأَوْرَثـَتْ أَكَابِرٌ *** بِـدْعـــــــــــــــَتَهَا أَصَاغِـرَا
وَاحْكُمْ بِمَا قَـدْ أَظْهَرُوا *** فَـمَا تـَلِي السَّرَائِرَا
وَإنْ دَعَـا مُجَادِلٌ *** فِي أَمْـــــــرِهِمْ إِلَى مِـرَا
فـَلَا تـُمَارِ فِيهِمُ إِلَّا مِــــــرَاءً ظَاهِـــــــــــــــــرَا .
وقال محمد فال بن باب العلوي رحمه الله:
إذا الفتى مات عن مال وعن كتب **** وكان ذا ولد فليحفظ الكتبا
إن ضاعت الكتب فالمعروف يتبعها **** وليس ذا ولدا وليس ذاك أبا
المال إرث بحكم الشرع يعصبه **** وفي الحقيقة إن تنظر فلا عقبا
والابن إن حاز ما قد كان حائزه **** من المعالي أبوه حقق النسبا
وقال البشير بن امباركي رحمه الله :
بني اجتب واحذر مخالطة الورى *** وكف الأذى عنهم تحمل أذاهُمُ
وأعطهم الميسور واترك سُؤالهم *** وَلا تأتهم ضيفا وأحسن قراهمُ
وكافئ بأضعاف الذي أحسنوا به *** وَوافق- عَلی غير القبيح - هواهمُ
ومكنهمُ الإنصاف منك ولا ترُم *** من الخلق إنصافا فأنت تراهُمُ
أعنهم ومهما تستعنهم فباطنا *** توج إلى مولاهمُ لا إلى همُ
توكل على المغني الغني وثق به *** وذرهم فإن العجز أصلُ حلاهمُ
تحَفَّظ وصاتي فهي خَيْر ذخيرة *** تعش في اعتزاز سالما من أذاهمُ
وقال رحمه الله فى بر الوالدين:
واشدد على فعل البـرورعزمكا*** لاسيما أمك ثم أمكـــا
ولاتعاند والديك ولتــــــــكن***إن يغضبا مستمعا ومستكـــن
حتى إذا مافرغا من الملام***فاعتذرن بليّن من الكــــــــلام
وامتثلن قول الإله “وقضى***ربك ” والصدر اجعلنه كالفضا
وإن تجد أكبر منك في خبر*** تعلم عكسه وأنه خــــــــــوَر
فلا تكذّب واستمعه جِــــدا*** حتى كأنه عليـــــــــــك جَدا
كذاك إن سمعته يقـــــــول*** حكاية مـــــــــضغها العجول
فاصغ له كأنه أمر عجــــب***لم تــــــعه قطُّ فذا هو الأدب
وقال رحمه الله فى آداب المجلس:
لاتحضرنّ مجلــــــسا للسفها** بل اعتزلْ وجــــــــــــالسنّ النُّبها
ولاتزد إن الضرورة اقـــــــتضت***بالسفها على الـــــذى له قضت
وجه الجليس لاتكن نظــــــارا*** واسمع حديثه ولـــــــــــــو تكرارا
لاتقطعنّ قوله وإن يطـــــــــل***فى غير ما يعني فبالذكر اشتغل
بحيث ظاهرا تكون منصتــــــا*** وباطنا معتبرا ومخبتـــــــــــــــــا
واغتبطن كونه تولـــــــــــــى*** عنك الكلام خوف أن تـــــــــــزلا
وليكن السكوت منك أكثــــرا*** لاسيما عند حضور الـــــــــــكبرا
وإن تُحدّث فلتكن مفيـــــــدا*** وما به حدثتَ لا تعيــــــــــــــــدا
واجتنب الغيبة والبهتــــــــانا*** والفخر و الجدال والأيمـــــــــــانا
ولاتحامر قلل المزاحــــــــــا *** والضحك واللعب و”التگراحــــــا “
وان قرأت النحو لاتضف هنــا*** إلى مخاطب أمام الفطــــــــــنا
بل قل هنا زيد وقل هَنـــــاهُ***وسيء الألفاظ قل كُـــــــــــــناهُ
ولاتنم فى مجلس ذي قدر*** بل مطلقا من نام ليس يـــــدري.
وقال الشيخ محمدّ بن حنبل الحسني رحمه الله :
إن خير الزاد يا صاح التقى = فبه المجد التمس لا بالنسب
جرع النفس على تحصيله = مضض المرين ذل وسغب
ودع المال إلى تطلابه = تكتسبه فلنعم المكتسب
هو حلي المرء في أقرانه = وهو عند الموت زحزاح الكرب
وهو نور المرء في اللحد وإذ = ينسل الأقوام من كل حدب
يا غريبا يطلب العلم اصطبر = إن مبدأ العلم من قبل غرب
ما سعى في الربح ساع سعيكم = بل سواكم سعيه جد نصب
إن تقولوا منعتنا درسه = أزم الدهر والأعوام الشهب
قلت هل يحتال في دفع العصى = من أظلته الحسامات القضب
فكأني بذوي العلم غدا = في نعيم وحبور وطرب
يحمدون الله أن عنهم جلا = كل حزن وعناء وتعب
بادروا العلم بدارا قبل أن = يبغت الحين بهول وشغب
صاح لا تلف بجهل راضيا = فذوو الجهل كأمثال الخشب
واصحب الدائب في استنباطه = لا جهول خدن لهو ولعب
إنما القنية علم نافع = لا العتاق الجرد والخور الصهب
لا يزهدك أخي في العلم أن = غمر الجهال أرباب الأدب
زبد البحر تراه رابيا = واللآلي الغر في القعر رسب
لا تسؤ بالعلم ظنا يا فتى = إن سوء الظن بالعلم عطب
وقال العلامة المختار بن بونه الجكني رحمه الله:
ونحن ركبٌ من الأشراف منتظمٌ *** أجلُّ ذا الخَلْق قَدْرًا دون أدنانا
قَدِ اتَّخذنا ظهورَ العيس مدرسةً *** بها نُبَيِّنُ دينَ اللّه تبيانا
نتلو كتاب إله العرش كلَّ مَسًا *** وكلَّ يومٍ فمن نلقى تَوقَّانا
وقد شققنا عصا الشُّقاق وارتضعت *** أفيقةً من فُواق القصد أهوانا
على نجائبَ هوجٍ لا وناءَ بها *** تطوي المهامه بلدانًا فبلدانا
تطفو وترسبُ طورًا في نفانفها *** تخالُها في بحار الآل نِينانا
وتارةً في الأواذي منه تحسبنا *** فُلك النَّصارى بمجرانا ومرسانا
ولو ترى إذ هبطنا حاملين لنا *** من "اكرميل" كأنّا فيه عقبانا
هوت من الأرض نحو الجوِّ حاملةً *** تؤمُّ أفراخَها بالوكر جديانا
والمجدُ في أيِّ أرض تبلغون ثوى *** مستوطنًا حيثما حلُّوا بجاكانا
أنا ابنُهم وهم أهلي ولست ترى *** من البنين ولا الأهلين أكفانا
أقلامُنا قد أبت ذاكم وأسيُفنا *** من ذا يدافع ما الرّحمنُ أولانا
ماذا عسى أن يضيرنا أولوا حَسَدٍ *** إن يكثروا في ضمير السِّرِّ أضغانا
ومن تكن همةُ الأقدار نصرته *** لم تقدر الناس أن تُوهي له شأنا
حِلمي وصبري يمدّاني ولي خُلُقٌ *** قد كان لي في جميع الناس عرفانا
ولي سريرةُ خَيْرٍ, سيرتي حَمدت *** بَهاءَ فضلي ذكائي منصبي صانا
وهمَّةٌ دونها هام السَّماء ومن *** همَّتُه دونها هامُ السَّما عانى
أمَّا الرِّجال فزِنْهم بالخطوب ولا *** تجعلْ لهم قبل طرق الخطب ميزانا
ولا تقل ذا فتًى يُرجى لنائبةٍ *** حتى يلاقي من الأيام حدثانا
إني امرؤ لم أضق ذرعا بنائبة *** ولا أخونُ خليلاً لي وإن خانا
وهيبةٌ مُلئت منها القلوبُ فلو *** نظرتُ شزرًا إلى أقصى الورى حانا
ولا يُنهنِهُني عن حاجةٍ جزع *** ولا ألين وإن ذو لُوثةٍ لانا
ولا أعوِّلُ في أمري على أحدٍ *** ولا أُنائي حميمًا ناء أو دانَى
ومن تَأمَّلَ أدراه تأمُّله *** أنِّي على الخَطْبِ جَلْدٌ جَلَّ أو هانا.
كتبها وجمعها إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي