إدكجمله

المكرمات سجيتهم ... والمعالي سبيلهم:

كرام سادة من تلق منهم *** تقل: لاقيت أحسنهم سجايا
نشوا في المكرمات وفي المعالي *** فلم تعلق بخيمهم الدَّنايا
إن المتأمل في تاريخ قبيلة (إدكجمله) ليرى إخلاصهم، وصدق إيمانهم، وحماسهم، وعُلُو هِممهم، واتباعهم للحق، وشرف نسبهم، وعلو كعبهم في المكارم والفضائل.
ومن الْمَعْلُوم قَدِيما وحديثاً أَنهم بَيت علم ومروءة ووفاء وأنفة، لَهُم من ‌شرف ‌النّسَب وكرم التَّقْوَى الْحَظ الأوفر، وَلم تزل رفعتهم وعظمتهم واحترامهم.
يقول الشيخ محمد محفوظ بن أحمدي اليوسفي في مدحهم:
إدكجمل الألى حلو ذرا شرف *** علو به رتبة فوق الأناسين
كم فيهم من فتى ترى شمائله *** بلذة الراح في طيب الرياحين
وعالم شاعر كادت بلاغته *** تجمع بين الضاد والنون.


 ويقول محمد محمود بن السيد بن أحمد اليوسفي في مدحهم: 
كانوا بجد فبانوا بعدما كانوا *** به ففاضت دموع العيد إذ بانوا
إدكجمل الألى يسلو الغريب بهم *** حتى يرى أنهم أهل وأوطان
والقائلين فلا تخزى مقالتهم *** بل خاب ما قبحوا وازدان ما زانوا
شبوا وشابوا على العلى وقد بلغوا *** أعلى المعالي وهم في السن غلمان
ما كان من رتبة عليا يساد بها *** إلا وفازوا بها في الناس منذ كانوا.
 انْصَبَغ القوم بصبغة الفضل والنزاهة، والنبل والدراية، والشهامة والريادة.
والأخبار متواترة ببارع مناقبهم، وباهر مذاهبهم، وجليل ‌فضائلهم، وسامي منازلهم. 
والذي ذكرته آنفا على سبيل الاختصار والايجاز هو قليل من كثير من ‌فضائلهم.
ويعتبر العلامة القاضي: لمهابه بن سيدي محمد بن محمد بن الطالب إميجن درة من فرائد عقدهم، وغرة أشرقت في سما فخرهم ومجدهم. 
فقد حاز  من علوم الشريعة القدح المعلى، وله في الأدب والشعر  اليد الطولى.
كان ألمعيا لغوياً، نحوياً أديباً أريباً، قاضيا بارعا حاذقاً، لطيف الطبع، حسن الخلال،  متضلعاً متطلعاً متمكناً خصوصاً في الأدب وفنونه، حسن النظم والنثر.
وحدث أن تعرض بعض من قوم القاضي الشاعر للسجن الفرنسي في ألاك نتيجة لخلافات مع قبيلة أخرى من جهة، وبسبب سوء تفاهم مع الإدارة الفرنسية من جهة أخرى.
فتوجه القاضي لمهابه إلى الشيخ سيدي باب في بو تلميت سنة 1914م وشرح له ما كان من أمرهم، وألقى قصيدة رائعة فائقة بديعة مادحا ومستجيرا، فما كان من الشيخ سيدي باب إلا أن تدخل على الفور وأمر بإطلاق سراحهم، فتم له ما أراد.


يقول العلامة القاضي والشاعر لمهابه بن الطالب إميجن رحمه الله في مدح الشيخ سيدي باب رحمه الله:
مَغناكِ مَهْدَدُ هدَّ ركنَ تجلّدِي *** حاك الوِشامَ منَ آيه المتبدِّدِ
آيٍ تَكوَّنَ في الحشا لعَفائه *** مجموعُ آيٍ من هواه مُجدَّد
وتوقَّدتْ نارُ الهوى لما غدا *** داجي النواحي دارسَ المُستوقَد
واستوطَنَ القلب الأسى لما أسا *** فيه الزمانُ بوحشةٍ وتأبُّد
وتتابعت زفراتها وتنازعت *** أفلاذَ قلبٍ بالغرام مُسهَّد
أبدًا يمنُّ على الفتى إحسانه *** بأذًى يهدّم ما بنى الكفُّ الندي
ما إن يزال مؤاخيًا ومواصلاً *** بهوًى جوًى وتَبدُّدًا بتحشُّد
وتَولُّهًا بتأنُّسٍ وتألُّـمًا *** بتنعُّمٍ وتسفُّلاً بتَصعُّد
سلب الربوعَ جمالها وأمالها *** بعد الصباحة يا لها لتَخَدُّدي
وتعاورت مُزنُ الحيا عَرَصَاتِها *** والرامساتُ وكلُّ جَوْنٍ أسودِ
وغزى لها كي يستبي غزالها  *** فتقلدت خزفا بعيد العسجد
وأماضها إيماضُها فتبسَّمَتْ *** لَـمَعاتُها عن لؤلؤٍ مُتنضِّد
وحَدَا السحائبَ رعدُهنَّ كما حدا *** شولاً سوامدَ مُظهراتِ تودُّد
قَرْمٌ كأنَّ بِلِيْتِه وسَراته *** شَوْبًا من الخلِّ المصاغ المُعْقَد
شادٍ هديرًا بينهنَّ ومُوزَعٌ *** منها ببولٍ آجنٍ مُتَبدِّد
رضخت له أذنابُها ورمَتْ به *** رميَ المريب ثيابه  المتعبِّد
تلك المعاهد حيث كنت ولم تذق *** مضض التفرق آهلات المَعهدِ
أزمانَ سالـمَكَ الزمانُ وريبه *** أزمانَ تلهو بالرباب ومَهْدَد
إن الغوانيَ والمغانيَ خامرتْ *** منك الحشا بمصيب سهمٍ مُقصِد
وأرَتْك لافحةَ الصدود وعلّها *** عزمتْ بِعادك فاسْلوَنْ وتَجَلَّد
واتركْ سبيل الغانيات وأرسُمًا *** لعبتْ بها أيدي الزمان المُبعِد
وافزعْ بما تشكو وتأمَلُ قاصدًا *** كهفَ الطريد وبابَ نَيْل المقصد
"الشّيخَ  سِيدي" ذا المراتبِ مَن به *** راحت طوالع آهلات الأسْعُد
من حاز من قنن المعالي رتبةً *** وطئت بأخمصها مناطَ الفرقد
ركبَ المطالبَ للمحامد دفعةً *** فأصابها شبهَ المرام المُفْرَد
لم ترضَ أنواعُ السّيادة دهرَه *** من ربّها في صَرْفِها للأعبُد
إلا به إمّا له مُتوحِّدًا *** أو غيرِه تَبَعًا لذاك الأوحد
لا تَحْرِصَنْ أنْ يعتني بك أو يكو *** نَ، على الذي ترجو لديه ذا يد
بل كُنْ حريصًا أن تُنيخَ ببابه *** فلِبابه المحرومُ لـمّا يهتدي
هيهات يُكسبه امتداحك رفعةً *** بل في امتداحكه  اكتساب السؤدد
كم من رعيبٍ راجفٍ مُتوعَّدٍ *** من ذي مكانةٍ احْتمى بك سيِّدي
فأنلْتَهُ ما يرتجي وكفَيْتَهُ *** خجلَ المآب وصولةَ المُتوعِّد
وعطيّةٍ أهديتَها مستبشرًا *** فغدا بها ذا ثروةٍ صفرُ  اليَدِ
وعويصةٍ أبديت سِرَّ خفيَّها *** بشَبَا اقتراحك ذي الإصابةِ الاَتلَدِ
تَخَذَتك غايتَها الخلائق بالذي *** يعرُوا فهيّ إليك ذاتُ تردُّدِ
من لائذٍ مستعصمٍ أو جاهلٍ *** متعلِّمٍ أو تائهٍ مُسترشِدِ
أو مُجرمٍ مُستغفرٍ أو مُعدِمٍ *** مسترفدٍ أو ذي امتداحٍ مُجتدي
أو مُشتكٍ مُستلطفٍ أو مُحتَمٍ *** مُستعطفٍ أو واهنٍ مُستنجِدِ
كلٌّ يؤُمُّك بالذي هو قاصد ***  منه فتُنزلُه مكانَ المُسعَدِ
ولقد أتيتك غير بدء بالذي  *** قد نابني أقفوا سبيل الوُرَّدِ
واللهُ يرزقك النجاح مع المنى *** في اليوم والأجر المضاعف في غدِ
وعلى النبيّ صلاتُنا وسلامنا *** وعلى الصحاب وآله والمقتدي.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي