سلك الإسلام تجاه المرأة طريقا وسطا عدلا لا إفراط فيه ولا تفريط، فكما أنه لا ينزلها منزلة الإله، فهو لا يعتبرها من سقط المتاع، أو حاجزا وعائقا في طريق الحياة، بل أثبت لها بالأدلة من الكتاب والسنة من الحقوق المميزة التي تحفظ لها كرامتها, وتعطي لها اعتبارها، مما لم يتوفر مثله للمرأة الغربية التي تحررت من القيود والأوضاع.
ولم يهمل الدين الإسلامي شأن المرأة ودورها، وإنما اعتبرها مثل الرجل، وفرض عليها من الواجبات الدينية ما فرضه عليه, وأعد لها في الآخرة من النعيم والعذاب ما أعده للرجل.وأوصى الإنسان خيراً بوالديه على السواء، فلم يميز الأب عن الأم، بل على العكس خصها بالنصيب الأوفر من الرعاية والاحترام. وزاد من قدرها حتى جعل الجنة تحت أقدامها، فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والعمة والخالة.وقد أحسن الإسلام إذ عرفها ((أنها وسيلة للسكون، وذريعة لاطمئنان الإنسان في هذا العالم)).يقول الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
ولسنا في هذه العجالة بصدد الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام وحقوقها، وإنما الذي نقصد إليه هو إبراز صفات المرأة الصالحة.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ » رواه مسلم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ » متفق عليه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب «أَلَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ». رواه أبو داوود.
ومن صفات المرأة الصالحة الواردة في السنة ما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِرِجَالِكُمْ فِي الْجَنَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالصِّدِّيقُ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالرَّجُلُ يَزُورُ أَخَاهُ فِي نَاحِيَةِ الْمِصْرِ، لَا يَزُورُهُ إِلَّا لِلَّهِ فِي الْجَنَّةِ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ فِي الْجَنَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ إِذَا غَضِبَتْ أَوْ أُسِيءَ إِلَيْهَا قَالَتْ: هَذِهِ يَدِي فِي يَدِكَ، لَا أَكْتَحِلُ بِغَمْضٍ حَتَّى تَرْضَى» رواه الطبراني في الأوسط والصغير, والنسائي في السنن الكبرى.
قال المناوي رحمه الله: ” ( الودود ) : بفتح الواو ، أي المتحببة إلى زوجها ، ( التي إذا ظلمت ) بالبناء للمفعول ، يعني ظلمها زوجها بنحو تقصير في إنفاق أو جور في قسم ونحو ذلك ، قالت مستعطفة له :( هذه يدي في يدك ) أي : ذاتي في قبضتك ( لا أكتحل بغمض ) بالضم أي : لا أذوق نوما ”.
عن حكيم ابن معاوية، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سأله رجل ما حق المرأة على الزوج؟ قال: «تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت)) رواه أبو داود والنسائي.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» رواه الترمذي.
وفي سنن أبي داوود: (( لو كنتُ آمراً أحداً أن يَسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدْنَ لأزواجِهِنَّ، لِمَا جَعَل الله لهم عليهنَّ من الحق")).
عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت). رواه الإمام أحمد في مسنده.
وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «ثلاث من الفواقر: جار مقامة إن رأى حسنة سترها وإن رأى سيئة أذاعها، وامرأة إن دخلت عليها لسنتك وإن غبت عنها لم تأمنها، وسلطان إن أحسنت لم يحمدك وإن أسأت قتلك».
ثلاث من الفواقر: أي الدواهي جمع فاقرة كأنها تحطم فقار الظهر كما يقال قاصمة الظهر. لسنتك: سبتك وأخذتك بلسانها وذكرتك بسوء.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ قَالَ: كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ لِبَعْلِهَا فِي الْجَمَالِ، كَالْمَلِكِ الْمُتَوَّجِ بِالتَّاجِ الْمُخَوَّصِ بِالذَّهَبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ السُّوءَ لِبَعْلِهَا كَالْحِمْلِ الثَّقِيلِ عَلَى ظَهْرِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَأَنَّ خُطْبَةَ الْأَحْمَقِ فِي نَادِي الْقَوْمِ كَالْمُغَنِّي عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ، وَلَا تَعِدْ أَخَاكَ، ثُمَّ لَا تُنْجِزُ لَهُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةً، مَا أَحْسَنَ الْعِلْمَ بَعْدَ الْجَهْلِ، وَمَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَاءِ، وَمَا أَقْبَحَ الضَّلَالَةَ بَعْدَ الْهُدَى». رواه معمر بن راشد الأزدي في جامعه.
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه!: ((الخيرات ثلاثٌ: إيمانٌ بالله، وفقهٌ في الدين، والزوجة الصالحة. والسوءات ثلاثٌ: كفرٌ بالله، والجفاء في الدين، والمرأة السوء)).
ويروى عن لقمان الحكيم أنه قال: ((يا بني! أول ما تتخذه في الدنيا امرأة صالحة وصاحب صالح تستريح إلى المرأة الصالحة إذا دخلت وتستريح إلى الصاحب الصالح إذا خرجت إليه. واعلم أنك يوم تكسب واحداً منهما فقد كسبت حسنةً. واتق المرأة السوء والصاحب السوء، لا تستريح إليها إذا دخلت عليها ولا تستريح إلى الصاحب السوء إذا خرجت إليه! واعلم أنك يوم تكسب واحداً منهما فقد كسبت سيئةً)).
قال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
لها خُلقٌ سهلٌ وحُسنٌ ومنصبٌ *** وخَلقٌ سويٌ ما يُعاب ومنطق
وقيل لهند ابنة الخس المعروفة بفصاحتها ألا تتزوّجين؟ فقالت: بلى، لا أريده أخا فلان ولا ابن فلان ولا الظريف المتظرّف ولا السمين الألحم، ولكن أريده كسوبا إذا غدا، ضحوكا إذا أتى.
خطب عمر بن الخطّاب أمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان، فقالت: ( لا يدخل إلا عابسا ولا يخرج إلّا عابسا، يغلق أبوابه ويقلّ خيره. ثم خطبها الزّبير، فقالت: يد له على قروني ويد له في السّوط. وخطبها عليّ، فقالت: ليس للنساء منه حظّ ( لأنه كان مشغولا بالحرب والعلم). وخطبها طلحة فأجابت فتزوّجها؛ فدخل عليها عليّ بن أبي طالب فقال لها: رددت من رددت منّا وتزوّجت ابن بنت الحضرميّ! فقالت: القضاء والقدر؛ فقال: أما إنك تزوّجت أجملنا مرآة وأجودنا كفّا وأكثرنا خيرا من أهله ).
ومعلوم أن هذه المزايا بعض ما تتطلبه المرأة.
وَسُئِلَ أَعْرَابِي فِي النِّسَاء وَكَانَ ذَا تجربة وَعلم بِهن فَقَالَ أفضل النِّسَاء أَطْوَلهنَّ إِذا قَامَت، وأعظمهن إِذا قعدت، وأصدقهن إِذا قَالَت، الَّتِي إِذا غضِبت حلمت، وَإِذا ضحِكت تبسمت، وَإِذا صنعت شَيْئا جودت، الَّتِي تطيع زَوجهَا، وتلتزم بَيتهَا، العزيزة فِي قَومهَا، الذليلة فِي نَفسهَا، الْوَدُود الْوَلُود، وكل أمرهَا محمود.
عن خالد بن صفوان أنه قال: من تزوّج امرأة فليتزوّجها عزيزة في قومها، ذليلة في نفسها، أدّبها الغنى، وأذلّها الفقر، حصانا من جارها، ماجنة على زوجها.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي