تقيّين حازا كل فخر وسؤدد *** فمجدهما عال على الأنجم الزهر
هما الشيخ سيدي باب والشيخ سيدي المختار ابنا الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير رحمهم الله تعالىكانا إمامَىْ هُدًى يستضاء بهما في الدين، راشدَيْن مُرْشِدَيْن مُصْلِحَيْن مُنْجِحَيْن، عالميْن تقيَّيْن، صالحيْن، صدوقين، كبيري زمانهما، وإليهما انتهت الأمور، وعليهما طلعت شمس الفضل، وبهما ازدانت الدنيا، فاضلي عصرهما، وكاملي دهرهما، امتطيا ظهْرَ المجد، مذ كانا في المهد، وردا عذب الْفضل نهلا وَعلا، وفازا من سهامه بالقدح الْمُعَلَّى، باذلين لجاههما وَمَالهما فِي مَنَافِع الْإِسْلَام والمسلمين:
بقيتم نجوما في سماء مكارم *** تضيء منار القصد في كلّ لاحب
كانا ورعين، سيِّدَين، على نسق واحد من حسن الهيئة والمهابة، ومن أهل العلوم الشرعية، والحفظ للآداب واللغة العربية، والتفنن في ضروب العلم؛ أخذا من كل العلوم بالحظ الوافي، لم يكن في وقتها من يدانيهما، عفيفين، برّين، طاهرين، مطهّرين، هما في وجهِ الكمال غُرة، وجَوادان سماءُ كرَمِهما للعافِين ثَرَّة، قصرت الأوهام عن كنه فضلهما، وعجزت الأقلام عن وصف مثلهما، غير أن الفضائل لابد من نشرها، والمكارم لا عذر في ترك شكرها:
فالشكر للإنسان أربح متجرٍ *** لم يعدم الخسران من لم يشكر.
يقول الشاعر أحمد الأمين بن عبد الرحمن (بدين) في مدح الشيخ سيدي باب:
ألا قدم الهمام فلا جلال == يجاوزنا الغداة ولا جمال
ألا أهلا بمن علا الأرض معه == وأهلا بالذي حمل الجمال
بباب الجود سيدنا المرجى == إذا دهم المهات الثقال
هو العلم المعظم ذو المعالي == هو البحر الغطمطم والثمال
به رفع الهدى وعلت ذووه == وخاب ذو الضلالة والضلال
وكان العدل منهدم النواحي == فشيد به دعائمه الطوال
ألا يا خير من حملت إليه == أراحلها المراحل والرحال
مقامك في العلى عز ارتقاء == ألا فلتقنأ راحتها الرجال
فما تجد البغال إذا تباري == جيادا في ميادنها البغال
وما شمس الزوال إذا تعالت == يحاول أن يباريها الهلال
نشأت مسودا لا غرو طفلا == فشأنكم السيادة والخصال
تجدد كل مكرمة نمتها == لك الأجداد ليس لها منال
إلى أن صرت فوق ذرى المعالي == بأخمصك السهى تطأ النعال
وصار الخلق ذالكم عيال == يلوذ بكم عن آخره العيال
فذاك لما هو يشتكيه == يلوذ بكم وذاك بما ينال
تعودك الجميع لما يرجي == فلم يخب النزول والارتحال
ولم يك في الأنام إمام عدل == سواك على إمامته اتكال
ألا أنت الإمام إمام عدل == يماز من الحرام به الحلال
ألا أنت الإمام إمام عدل==يقدمه اجتناب وامتثال
ألا أنت الإمام إمام عدل == يقدمه المقال أو الفعال
ألا أنت الإمام لنا وأنى == يقر للسوى معك احتمال
ملاذ الناس إن عظم الدواهي == وغيث إن تتايعت المحال
وأبلغهم وأحسنهم مقالا == وأصفحهم وحق لك المقال
أبوك خليفة ولدته أخرى == وأنت خليفة ذاك الكمال.
ويقول الأديب محمد المصطفى ولد الطالب في مدح الشيخ سيدي المختار :
فبالسيد المختار حسبي فإنه *** لأغنى وأقنى من عدي وحاتم
إمام يرى الحق الذي ليس لازما *** أحق لديه من حقوق لوازم
هو الذائد الحامي الذمار عن الورى *** هوالقائد الكافي هجوم العظائم
هوالسلسل العذب المذاق لدى الرضا *** وأهيب من ليث عبن ضبارم
وما جامد الكف الضنين بماله *** كمن عود السؤال نثر الدراهم
بقيتَ قريرَ المجد قرنا مؤملا *** ہجُلَّى وإن جلَّت وردِّ المظالم
ولازلت في أمنٍ ويمن ونعمة *** تُحَيَّى بقول الزائرين: ألا عِم.
ويقول العلامة الشيخ عبد الفتاح ولد محمد ولد عبد الفتاح في رثاء الشيخ سيدي المختار:
أجدك لم تجزع لفقدان سيد *** صَفوح عن الجاني وهوب لِمجتد
أَلمُ يَشْمل الأمصار والبدو رزءه *** إلى كل معمـورٍ إلى كل فَـدفَد
يبيت إذا المبطان نام مـسهدا *** لإكرام جارات وخدمةِ سيد
تعرف بالحسنى إلى اللـه محسنا *** فكان بإرضاء أحق مسهد
يرى زهرة الدنيا زَهادة جُندب *** وليلته الدرعا عبادة أحمد
مبدد أموال وجامع سؤدد *** فأكـرِم به من جامع ومبدد
ثمالُ اليتامَى موثر حق ذي العلا *** وكان إليه القصد في كل مقصدِ
فيا ليته يُفْـدَى بكــل ذخيرة *** على أن باقي الصيت مثل مخلد
شهادة ذي التبريز مجمعة على *** عدالته والعَدل نافذ موعد
سلونا إذا يـابَى التسلي غيرنا *** بِغُر بَنيهِ أحمد ومحمد
وغيرهما مِنْ كل حـامل كلهِ *** مُفَـدًّی طويلِ الباع مأوى المطرد
كأن وجوه الرهط ذي الجاه رهطهِ *** مشوف دنانير المُجِد المُجَدِّد
فَخَرنا به الأحياء ما كان بيننا *** وتَـزكو به أهـلُ القبور إلى الغد
تبوأ في الفردوس أسنى محلة *** محيا المحَيا بالأمان المؤبد
يُسَر بجعل الأهل في أكمل المنى *** وأيمنِ عيش في البلاد وأرغد
على صاحب المعراج أنمى تحية *** من المكرم الهادي به كل مهتد.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي